11 يناير 2019
قام مئات من أهالي قرية منشية الزعفرانة بمحافظة المنيا بمحاصرة مبنى كنسي مملوكة لإيبارشية المنيا وأبو قرقاص، يوم الجمعة 11 يناير 2019، أثناء تنظيم الصلوات الدينية، وترديد هتافات عدائية تجاه الأقباط، ومطالبين بغلق المكان وعدم تحويله إلى كنيسة، وقامت قوات الأمن بإخراج كاهنين وعدد من الأقباط، وسط هتافات عدائية من جانب الذين يحاصرون الكنيسة.
وأظهرت فيديوهات قام بعض المواطنين بتصويرها بالهواتف المحمولة ونشرها على صفحات التواصل الاجتماعي تجمهر عشرات من مسلمي القرية، وهم يسبون بألفاظ نابية الكنيسة وأقباط القرية، خصوصًا مع خروج سيارة الأمن وبداخلها القس بطرس عزيز وسط تهليل وزغاريد النساء.[1]
كانت تسود القرية قبلها بعدة أيام توترات، حيث دخل عدد من أهالي القرية المبنى يوم الأحد 6 يناير 2019 ليلة عيد الميلاد، ومعهم عدد من قوات الأمن، وحاولوا إخراج كاهنين كانا يقومان بتنظيم الصلوات الدينية وقداس عيد الميلاد، لكنهما رفضا وبقيا مع عدد من أقباط القرية.[2]
أصدرت إيبارشية المنيا وأبو قرقاص بيانًا تفصيليًّا حول الواقعة، جاء فيه:
“تقع قرية الزعفرانة علي مسافة ٥ كيلومترات جنوب شرق مدينة الفكرية بأبو قرقاص بالمنيا، وبها حوالي ألف قبطي، حيث تمتلك الكنيسة مكانًا صغيرًا للصلاة فيه داخل القرية منذ فترة، وفي ليلة ٧ يناير قبل عيد الميلاد المجيد بساعات، وأثناء تواجد عدد من الأقباط واثنين من الكهنة داخل الكنيسة دخل عدد من المتشددين إلى الكنيسة ما دفع قوات الأمن للتدخل وإخراجهم من المكان وظل الآباء الكهنة متواجدين مع عدد قليل من الأقباط.
ويوم الجمعة 11 يناير حوالي الساعة الواحدة والنصف ظهرًا، هاجم ما لا يقل عن ألف شخص من المتشددين المكان، وظلوا يهتفون هتافات مسيئة للكنيسة والأقباط معربين عن رفضهم تواجد الكنيسة نهائيًّا، إلا أن قوات الأمن قامت بترضيتهم كما تفعل في كل مرة ووعدتهم بتحقيق مطالبهم باعتباره هو الحل الأسهل.
وقامت الأجهزة الأمنية بإخراج الآباء الكهنة، ومجموع الأقباط المتواجدين داخلها وإغلاق المكان نزولًا على رغبة المتشددين.
وأضافت إيبارشية المنيا وأبو قرقاص:
وهكذا توقفت العبادة وأغلق المكان، ورغم أنه ليس المكان الأول الذي يغلق، فإن القاسم المشترك في كل مرة هو الإذعان لرغبة المتشددين، يفرضون إرادتهم متى أرادوا، وكأن الكلمة أصبحت لهم وهكذا تأتي الترضية كالعادة على حساب الأقباط (الحل الأسهل).
يحدث هذا بعد تصريحات شيخ الأزهر حول سماحة الإسلام في بناء الكنائس وإعلان الرئيس السيسي حق كل مواطن في ممارسة العبادة والجهد الكبير الذي يبزله قداسة البابا للحفاظ علي الوحدة الوطنية.
المفاجأة انه حتي الآن لم يتم القبض علي أيٍّ من المتظاهرين ضد الكنيسة أو اتخاذ أي إجراء ضدهم رغم أنهم متواجدون ومعروفون بالاسم ووقع ما وقع أمام مرأى ومسمع من الأمن مما يشجع الآخرين علي تكرار ذلك في أماكن أخرى.
أن هذه الواقعة لم تكن الأولى ولكن
منذ أسابيع وتحديدًا في يوم ٢٧ ديسمبر ٢٠١٨ تم إغلاق كنيسة الأنبا رويس التابعة
للمطرانية بحي كفر المنصورة التابع لمدينة المنيا ولم نعلق وقتها”.
وفي يوم السبت 12 يناير 2019، أصدرت الكنيسة الإنجيلية بمنشية الزعفرانة بيانًا تقول فيه:
“إن
الكنيسة الإنجيلية بمنشأة زعفرانة هي الكنيسة الوحيدة بالقرية، وقد بدأت ممارسة
الشعائر الدينية بها منذ ما يزيد على 100 عام،
وحصلنا على موافقة محافظ المنيا على قرار بهدم وإعادة بنائها، وجارٍ العمل في ذلك”.
وتابع البيان: “يمارس أبناء زعفرانة من الأقباط
الإنجيليين الشعائر الدينية في الكنيسة بحرية تامة، كما تتمتع بعلاقات مجتمعية
متميزة مع أبناء القرية”.
وحمل البيان توقيع رعاة الكنيسة،
وهما: القس مدحت زاهيان، ورئيس المجمع
الشيخ أشرف ناصح.
وفي يوم الأحد 13 يناير 2019، كتب الأنبا مكاريوس على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر عدة تغريدات ردًّا على بيان الكنيسة الإنجيلية يقول فيها:
نحن دائمًا نسعى للسلام والتهدئة، ولكننا نرفض الذل والهوان والذمية والتنازل عن الحقوق، سواء توجد كنيسة بروتستانتية أم لا فهو أمر لا نناقشه، وما يعنينا هو توفير مكان لأولادنا للصلاة فيها، إذ ليس هناك مبرر للانتقال إلى قرية أخرى للصلاة هناك.
تابع الأنبا مكاريوس في تغريداته: “أعجب من استمرار معاتبة الضحية لأنها تحتج على الظلم، بينما يترك الجناة دون عقاب بل ويلتمس الأعذار لهم! والذين يتطاولون علينا لا نرد عليهم، بل نصلي لهم لأن لدينا اهتمامات تستحق الوقت والجهد، وإلى الذين يدعون أن هناك مخالفة في إنشاء الكنيسة، فالجهة المنوط بها المراجعة هي الدولة وليست المتشددين، إن الاتهام الذي يودون توجيهه لنا هي إننا نرغب في الصلاة وهو حق لنا ونحن فيما نصلي نطلب من أجل مضطهدينا والمسيئين إلينا”.[3]
وفي 15 يناير 2019، أصدر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء بيانًا ينفي فيه إغلاق كنائس إرضاءً للمتظاهرين المعترضين، وقال البيان:
ينفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء الأخبار المتداولة في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي حول إغلاق محافظة المنيا ثلاث كنائس لأجل غير مسمى إرضاءً لبعض المتظاهرين المعترضين على وجود كنائس بالمحافظة.
ويؤكد المركز تواصله مع محافظة المنيا، والتي أوضحت أن تلك الأنباء غير صحيحة على الإطلاق، مؤكدةً أنه لا صحة لإغلاق أي كنيسة أو منشأة دينية بالمحافظة، مُشددةً على حرية إقامة الشعائر الدينية التي يكفلها القانون والدستور لجميع المواطنين على حد سواء دون تفرقة، وأن كل ما يتردد حول هذا الشأن مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة تستهدف تفتيت الوحدة الوطنية وإحداث فتنة طائفية.
وناشدت المحافظة من خلال بيان المركز الإعلامي لمجلس الوزراء وسائل الإعلام المختلفة ضرورة توخي الدقة قبل نشر مثل هذه الشائعات والتي قد تؤدي إلى بلبلة الرأي العام وإثارة غضب المواطنين.
يوم الخميس 17 يناير، استقبل البابا تواضروس الثاني
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الأنبا مكاريوس في مقر الكاتدرائية
بالعباسية لبحث أزمة إيبارشية المنيا وأبو قرقاص، وحضر المقابلة الأنبا مرقس مطران
شبرا الخيمة وتوابعها والأنبا دانيال أسقف المعادي وتوابعها وسكرتير المجمع المقدس.
[1]https://www.youtube.com/watch?v=NZK-JNCr9TE
[2]عدة إفادات حصل عليها باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
[3]شيري عبد المسيح، الأنبا مكاريوس: نسعى للسلام ولكن نرفض الذل والهوان، وطني، 13 يناير 2019.