30 ديسمبر 2020
كشف المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في حصاده لعام 2020 أنه قام برصد وتحليل (مليون فتوى) متنوعة على مستوى العالم خلال العام، مستعينًا بـ”محرك البحث الإلكتروني للمؤشر العالمي للفتوى”، الذي انتهت منه دار الإفتاء هذا العام، ويُعد أول محرك بحث متخصص في رصد وتتبع الفتاوى وتحليلها عالميًّا، والنواة الأولى لأكبر قاعدة بيانات مصنفة للفتوى بالعالم تنفرد بها دار الإفتاء.[1]
وفقًا لبيان صادر عن الدار، احتوت العينة المرصودة على فتاوى مؤسسات وهيئات الفتوى بالعالم بجانب فتاوى التنظيمات الإرهابية، وبعد تحليل العينة خلص مؤشر الفتوى في تقريره الذي تجاوز (250) صفحة إلى العديد من النتائج، أبرزها:
– إن أغلب فتاوى التنظيمات الإرهابية خرجت عن تنظيم القاعدة وجاءت بنسبة (23%) من إجمالي (3500) فتوى مرصودة للتنظيمات، ويرجع السبب في ذلك إلى وجود بعض منظري التنظيم على قيد الحياة.
حيث مثلت الفتاوى السياسية والجهادية -بصورة عامة- النسبة الأكبر من فتاوى التنظيمات الإرهابية خلال العام، وجاءت بنسبة (55%) مرتفعة عن نظيرتها لعام 2019 التي كانت تمثل نسبة (51%) من إجمالي فتاوى هذه التنظيمات.
وجاءت الفتاوى السياسية لتنظيم “داعش” بنسبة (45%) من إجمالي فتاواه للعام الحالي، وذلك بسبب مقتل زعيمه “البغدادي” وخروج الفتاوى التي تحثُّ على طاعة الأمير والبيعة، ووجوب الالتزام بالجماعة والوحدة وعدم الانفصال عنها، إضافة لخطابه المعتاد عن تكفير الحكومات والدعوة لاستمرار العمليات الإرهابية وتكثيفها.
أما تنظيم القاعدة فقد جاءت الفتوى السياسية والجهادية بنسبة (43%) من خطابه الإفتائي، شملت عددًا من القضايا أبرزها التحريض على تكثيف العمليات الإرهابية واللجوء لأسلوب “الذئاب المنفردة”، وتكفير تنظيم “داعش”، والتوسع في تكفير الأنظمة العربية القائمة والدعوة لهدمها انتصارًا للقضية الفلسطينية تزامنًا مع ما يسمى “صفقة القرن”، وإطلاق الفتاوى التنظيرية بشأن السياسة الشرعية وقضايا الدولة.
أما عن جائحة كورونا في الخطاب الإفتائي للتنظيمات الإرهابية فقد أكد مؤشر الفتوى أنها احتلت نسبة (25%) من جملة الفتاوى، كان معظمها حول تطويع الجائحة لخدمة أهدافها ومصالحها فقط وليس خدمة المسلمين.
مشيرًا إلى أن تنظيم “داعش” استغل (30%) من فتاواه حول الجائحة لمحاولة استعادة قوته بعد مقتل زعيمه “البغدادي”؛ وذلك بترويج أفكار العقوبة الإلهية للبشرية أو بمعنى أدق المناهضين للتنظيم، وانتقام الله من الدول الكافرة العاجزة عن مواجهة جند من جنوده. وجاء (55%) من تلك الفتاوى عن الجائحة لتوسيع نفوذه واستعادة الأراضي التي خسرها بتحريض أتباعه على تكثيف عملياتهم الإرهابية. وبنسبة أقل (15%) قدم خلالها النصائح الوقائية ضد الجائحة.
في حين كان التناول الإفتائي للجائحة عند “القاعدة” أكبر من “داعش”، حيث كان (65%) منها متعلقًا بتفسير وتحليل الجائحة وأسبابها، و(25%) منها اتجه للطعن في الحكومات القائمة.
قام مؤشر الفتوى برصد وتحليل 1500 فتوى لجماعة الإخوان الإرهابية، وتوصل إلى أن الخطاب الإفتائي لجماعة الإخوان الإرهابية تمثل في ثلاثة أمور: الانتقاد المستمر لسياسات الدولة المصرية، وادعاء التعاطف مع الشعب ودعمه، وتكثيف خطاب المظلومية، وتمثلت هذه الأمور الثلاثة في مجموعة من النتائج، أبرزها:
أن الفتاوى السياسية والأخرى المتعلقة بجائحة كورونا قد استحوذتا على النصيب الأكبر من فتاوى الجماعة هذا العام، فقد احتلت الفتاوى ذات الطابع السياسي (28%) من إجمالي فتاوى الجماعة، كانت في أغلبها شاهدةً على ازدواج المعايير عند الجماعة الإرهابية، ففي الوقت الذي كانت فيه فتاوى الجماعة تدافع عن الدول الراعية لها وتدعم سياستها، خرجت فتاوى أخرى تنتقد دولًا وتهاجمها، والمعيار في النوعين مصلحة الجماعة وليس مصلحة الأمة.
وتابع مؤشر الفتوى: في حين جاءت الفتاوى المتعلقة بجائحة كورونا بنسبة (35%) من إجمالي فتاوى العينة، حاولت الجماعة الإرهابية من خلالها أن تجد ضالتها في العودة مجددًا إلى ساحة اهتمام الناس بالحديث عن إخفاق الدولة في مواجهة الجائحة، وانتقادها للإجراءات الاحترازية التي أخذتها وتعليق الصلوات وغلق المساجد، محاولة تصدير صورة سلبية عن الدولة بدفاعها عن الناس وشعائر الدين، لكنها أخفقت كعادتها خاصة أن مصر تعدُّ من أفضل الدول التي تعاملت مع الموجة الأولى للجائحة وأقلهم تضررًا من الناحية الاقتصادية.
كما أكد مؤشر الفتوى أن فتاوى الجماعة المتعلقة بالقضية الفلسطينية جاءت بنسبة (30%) من إجمالي فتاوى الإخوان السياسية، حاولت الجماعة استغلالها للترويج لكونها الطرف الوحيد الداعم والمساند للقضية الفلسطينية، وحمل الخطاب في طياته اتهامات للحكومات بخيانة القضية، في محاولة للاستقطاب الشعبي، وفي الوقت ذاته عمدت الجماعة لتفخيم دور الدول الداعمة والراعية لها.
وتابع مؤشر الفتوى أن (20%) من الفتاوى السياسية التي خرجت عن منظري جماعة الإخوان الإرهابية كانت لدعم إثارة الثورات والاحتجاجات والقلاقل في الدول، وهو ما يتوافق مع توجهات الجماعة في دعم إسقاط الحكومات القائمة؛ رغبة منها في أن تحل محلها وتعوض خسائرها السياسية على مدى سنوات، غافلة عن فقدها للمصداقية الشعبية عربيًّا وعالميًّا.
أما اللجان الإلكترونية للتنظيمات الإرهابية فقد كشف المؤشر استغلال جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي الفتوى والوسائل التكنولوجية الحديثة من خلال لجانها الإلكترونية لتحقيق هدفين: بنسبة (39%) تستغل هذه اللجان لتحقيق مصالح التنظيمات على المستوى الداخلي، وبنسبة (61%) للترويج لأفكارها ولتزييف الرأي العام خارج نطاق الجماعة محليًّا وعالميًّا.
تصدرت القضايا الطبية بصورة عامة مجالات الفتوى في الدول الغربية بنسبة (35%) بسبب كورونا، واستحوذت فتاوى الجائحة على نسبة (75%) من إجمالي هذه القضايا الصادرة خلال العام في الغرب.
وقد ظهرت القضايا السياسية في الغرب بنسبة (12%) من إجمالي العينة، ويرجع ذلك إلى انتشار العديد من الفتاوى المسيسة بسبب وجود العديد من المراكز التابعة لتنظيم الإخوان هناك، في حين جاءت القضايا الاجتماعية بنسبة (20%) منها قضايا الاندماج أو التشريعات.
وأوضح مؤشر الإفتاء أن فرنسا تصدرت بنسبة (30%) الدول الغربية التي شهدت تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا خلال عام 2020، نتيجة لتعمد أحزاب اليمين المتطرف مثل حزب التجمع الوطني نشر الفتاوى الإسلامية غير المنضبطة التي تثير الرأي العام الفرنسي.
واختتم المؤشر تقريره
بأن جائحة كورونا كانت حاضرة بقوة في فتاوى هذا العام، وأنه في الوقت الذي كانت
تبحث فيه مؤسسات الفتوى الرسمية عن الآراء والأدلة التي تبين الأحكام المتعلقة
بالجائحة؛ كانت التنظيمات الإرهابية تعزز مكاسبها من خلال استغلال الجائحة
بالترويج لأفكارها واستقطاب أتباعها.
[1]https://www.dar-alifta.org/AR/Viewstatement.aspx?sec=media&ID=7426&%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%85..__