21 ديسمبر 2022
أكد الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن الفتاوى الدينية التي تهدف إلى “تعزيز اليقين ونقد الإلحاد” يجب أن تكون لها طبيعة خاصة، وشروط محكمة، ودعا إلى ضرورة الربط بميزان دقيق بين نتائج علوم الطبيعة والحياة، واجتهادات الفقهاء والأئمة، وألا تتورط الفتوى أبدًا في التعصب إلى خطابات غير معصومة، أو التي جاوزها الواقع على حساب الحط من قيمة منجزات العلوم الطبيعية.
جاء ذلك في الملتقى الفقهي الثالث الذي عقده مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بمركز الأزهر للمؤتمرات بعنوان: “الفتوى ودورها في مواجهة الإلحاد”، مستعرضًا العديد من المقترحات التي تواجه ظاهرة الإلحاد والفتاوى الشاذة التي تزعزع أمن المجتمعات واستقرارها. وضم اللقاء 3 محاور “ضرورة مراعاة الفتوى للجوانب النفسية في قضايا الإلحاد، آليات تأهيل المفتين في العلوم الإسلامية والإنسانية والطبيعية، ومنهجية الفتوى في تفنيد شبهات الإلحاد”.
وشدد عياد على أنه على المفتين الحرص والحذر حال توظيفهم نتائج علوم الطبيعة والحياة في دعم المعتقد الديني، لأن أكثر نتائجها ظنية، ومتقلبة، متابعًا: “من ثم فهناك نوع من المجازفة إذا تمت المبالغة في الربط بينهما”.
وطالب بألا يقوم بناء الفتوى في تعزيز اليقين، ونقد الإلحاد على مجرد الحجج العاطفية التي ترتكز على الخرافات والأساطير والحكايات غير الواقعية، أو تبنى على خوارق العادات من المعجزات والكرامات والسحر، فمثل هذه الخطابات قد تجاوزها الواقع، ولم تعد حججًا ملزمة للخصم، مع ضرورة أن تقوم الفتوى في قضايا الإلحاد على مراعاة الجوانب النفسية والاقتصادية والاجتماعية، وألا تخرج بمعزل عن هذه الجوانب حتى تؤتي ثمرتها المرجوة منها.
وجاءت التوصيات من المؤتمر، كالتالي:
– ندعو جميعَ المؤسَّساتِ الإفتائيَّةِ في العالم إلى ضرورة التكاتُفِ والتعاونِ للتصدِّي لظاهرة الإلحادِ وشبهاتِه العقديَّةِ والفقهيَّةِ، ويتجسَّد هذا التعاونُ -من وجهة نظرنا- بتشكيلِ هيئةٍ عالميَّةٍ، من المتخصِّصين والدارسين في العلوم الدينيَّة والطبيعيَّة؛ على أن تكونَ لها منصاتٌ إلكترونيَّةٌ بجميع اللغات؛ حتى يُفيدَ منها الباحثون في الشرق والغرب.
– ضرورةُ التزامِ المُفتين في المؤسَّساتِ الإفتائيَّةِ بمعاييرِ الفتوى الصحيحة، وعدمِ الجنوح للفتاوى الشاذَّة والأقوالِ الغريبة، وأهميَّةُ دراسة كلِّ حالةٍ إلحاديَّةٍ على حدةٍ، وعدم الاغترار بوجود بعضِ العواملِ المشتركةِ بين المُلحدين أو المتشكِّكين؛ حيث إنَّ الإخلالَ بهذه الضوابط يُساعد في تفشِّي ظاهرةِ الإلحادِ وتناميها بشكلٍ يصعبُ علينا مواجهتُه أو الحدُّ منه.
– نوصي وسائلَ الإعلامِ المتعدِّدةَ بضرورةِ التحلِّي برُوح التعاونِ البنَّاءِ والمشاركة الفعَّالة مع المؤسَّسات الدينيَّة والإفتائيَّة في كلِّ ما تَعْرضُه من قضايا وأفكارٍ خاصَّةٍ بالإلحاد وشبهاته؛ لأنَّنا ندركُ تأثيرَ هذه الوسائل في الواقع، ولأنَّ هذا التعاون سيُسهم في مواجهةِ خطر الإلحادِ والحدِّ من تداعياته على الأسرة والمجتمع.
– ضرورةُ اعتمادِ المؤسَّساتِ الإفتائيَّةِ على شباب المُفتين المدرَّبين على فهم ظاهرة الإلحادِ ومهارات التعاملِ مع الشباب، الذين يُشكِّلُونَ أكثرَ طوائفِ المجتمع عُرضةً للإلحاد؛ وذلك لتقارُبِ أعمارهم، ولكونهم أقدرَ على تقديم المساعدة لهم دونَ إشعارهم بالسُّلطويَّةِ أو الفوقيَّة.
– نوصي بضرورة تفعيل دورِ الأُسرةِ في احتواء الأبناءِ الذين قد تظهر عليهم بعضُ علامات التشكُّك في فهم الأحكام الشرعيَّة وتكييفِها، بإتاحة الفرصةِ لهم للمناقشةِ والحوارِ الجادِّ مع المتخصِّصين والدارسين، للحدِّ من استقطاب الملاحدة لهم بأيِّ طريقةٍ كانت.
– ضرورةُ تفعيلِ دورِ الجامعاتِ ومؤسَّساتِ البحث العلميِّ نحو إجراءِ الدراساتِ العلميَّةِ المتخصِّصةِ التي تُناقش دوافعَ الإلحاد ومفاهيمَه وظروفَه في صورته الفرديَّةِ والجماعيَّةِ، وعقدِ اللقاءات الحواريَّةِ المفتوحةِ مع الشباب بالتعاون مع المؤسَّساتِ الإفتائيَّة والمتخصِّصين في العلومِ الإنسانيَّةِ والطبيعيَّةِ؛ بُغيَةَ تفنيدِ شبهاتِ الإلحاد.
– ندعو إلى سُرعةِ عقد مؤتمرٍ عالميٍّ تُشارِكُ فيه جميعُ المؤسَّساتِ الإفتائيَّةِ في العالم؛ لوضع إستراتيجيَّةٍ دقيقةٍ لتفيعل دور الفتوى في مواجهة الإلحادِ والفكر اللاديني، على أن يكون هذا المؤتمرُ صورةً من صور التعاونِ والتكاتُفِ بين هذه المؤسَّساتِ في مواجهة ظاهرةِ الإلحاد.