3 نوفمبر 2022
انطلقت أعمال ملتقى البحرين الدولي للحوار: “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، على مدار يومي الخميس والجمعة 3 و4 نوفمبر 2022، بمشاركة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكيَّة، وعدد من الرموز وقادة وممثلي الأديان والثقافات حول العالم.
وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش بدولة الإمارات العربية المتحدة، إن مجلس حكماء المسلمين يؤكد في رؤيته ورسالته على ترسيخ قيم الحوار والتسامح واحترام الآخر، والإسهام في مد جسور التعاون والعمل المشترك بين البشر، ومن خلال عمله ومبادراته، يؤكد أيضًا على أن الأخوة الإنسانية وما يتصل بها من سلوك متسامح، وما يترتب عليها من نتائج ملموسة في حياة الفرد والمجتمع، هي تأكيد لتعاليم الإسلام الحنيف، التي قوامها: الإيمان بالخالق، والسعي إلى تحقيق السلام، والعدل، والحرية، والحياة الكريمة للفرد، والرخاء والاستقرار للمجتمع.
وتابع نهيان، أن الملتقى يؤكد من جديد ضرورة أن يكون الطابع الروحي للأديان والقيم الإنسانية -التي يشترك فيها البشر في كل مكان- أساسًا لإحداث تغييرات قانونية وأدبية وأخلاقية وسلوكية واقتصادية في حياة الناس، تحقق التعارف والحوار والعمل المشترك بين الجميع، لما فيه مصلحة الجميع.
وفي كلمته، أشار البطريرك المسكوني برثلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية، إلى أنه عادة ما تأتي معارضة الحوار بين الأديان من الخوف أو الجهل، وعدم التسامح مع التنوع الديني، وعلى النقيض فإن الحوار الحقيقي والصادق بين الأديان يقر الاختلاف سنة كونية وإرادة إلهية، ويعزز التعايش السلمي والتعاون بين الشعوب والثقافات، ويؤسس للتفاهم المتبادل وحل النزاعات بالوسائل السلمية.
وأوضح البطريرك انه لا يمكن القضاء على الخوف من الآخر وإقصائه؛ إلا بالحوار البناء واللقاءات الفعالة التي تتسم بروح التكامل والثقة والاحترام؛ لأن الكل يشترك في نفس العالم، مما يوجب على الجميع أن يحتض الاختلاف بروح اجتماعية متسامحة، كما أنَّ الحوارات واللقاءات بين قادة الأديان والتعايش اليومي بين أتباعها مع اختلاف دياناتهم ستظل وسيلة مهمة لتجرِبة القيمة الجوهرية للتعددية الثقافية.
وتحدث ميغل أنجيل موراتينوس، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، حول ضرورة نبذ العنف والتعصب؛ لأن الأديان ترفض الكراهية ومعاداة الآخر، فالعالم في حاجة ضرورية إلى إعلان قيم الحوار وقبول الآخر لمواجهة الكراهية والتعصب الذي أفرزته الأحداث، والعالم اليوم في أمَس الحاجة إلى مثل هذه المبادرات من أجل تعزيز قيم الحوار والتعايش مع الآخر، خاصة في ظل التحديات المتلاحقة التي تواجه البشرية، لأن التدابير الأمنية وحدها غير كافية لوقف الصراعات ومواجهة الأزمات، وإنما الحوار وحده قادر على توفير مساحة مشتركة يُسمع بها صوت الجميع، دون وصاية من أحد؛ لتعزيز ثقافة السلام واحترام حقوق الإنسان في كل مكان.
ودعا الدكتور حسين طه إبراهيم، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إلى أهمية تضافر الجهود بين القادة الدينين من أجل نبذ العنف والتعصب وازدراء الآخر، ووضع أسس مستدامة للحوار في إطار سعيهم لنشر قيم التسامح والإخاء بين أتباع الديانات المختلفة، والعمل على مساعدة المجتمعات في الاندماج فيما بينها لإبراز قيم التسامح والعيش المشترك، وبخاصة مع وجود دول في المحيط العربي والإسلامي تعاني من أزمات وحروب تؤثر سلبًا على وجودها وهويتها، ما يتطلب توفير بيئة فكرية قادرة على صياغة أفكار لمواجهة هذه التحديات وبناء مجتمع إنساني متضامن ومتلاحم.
وفي كلمته، قال شيخ الأزهر، إننا بحاجةٍ إلى اقتباسِ علوم الغرب والاستعانة بها في نهضَتِه التِّقنية والماديَّة، واستيراد المُنتجات الصِّناعيَّة، من أسواقِ الغرب؛ كما يجبُ على الشَّرقيِّين أنْ يَنْظُروا إلى الغربِ نظرةً جديدة فيها شيء من التَّواضُع، وكثيرٌ من حُسْنِ الظَّنِّ والشُّعُور بالجارِ القريب، والفَهْم المتسامح لمدنيَّة الغرب وعادات الغربيِّين بحُسبانِها نتاج ظروف وتطوُّرات وتفاعُلات خاصَّة بهم دفعوا ثمنَها غاليًا عبرَ قرونٍ عِدَّة. فعلماء الإسلام يجب عليهم ألَّا يَمَلُّوا من توضيح “ما في الدِّين الإسلامي من المبادئ السَّامية، والإخاء البشري والتعاون الإنساني وغيرها من المشتركات التي يتصالح عليها الغربيِّون والشَّرقيِّون ويُرحِّبُونَ بها، وأنْ يحرصوا على تعريفِ الغربيِّين للإسلامِ على حقيقتِه”، مضيفًا أنه يجبُ الإشارةِ هنا إلى أنَّ كثيرًا من المسلمينَ هاجروا إلى الغربِ واسْتَوطَنوه، وصاروا جزءًا لا يَتجزَّأ من نسيجِ شُعُوبِه، كما هاجرت أنماطُ الحياة الغربيَّة وصورها إلى الشَّرقيِّين وغَلَبَتْ على تقاليدِهم وعاداتِهم وسلوكياتِهم الحديثة والمعاصرة، وأثَّرَتْ على مساحة لا يُستهانُ بها في رؤاهم وأنظارهم، بل في مناهج تعليمِهم وطرائق تفكيرِهم.