21 يونيو 2017
قال السيسي في كلمته في احتفالية ليلة القدر:
“اسمحوا لي أن أقدم محاولة متواضعة للتفاعل مع ما سبق من أسئلة، من خلال مناقشة العلاقة بين ثلاثة مفاهيم، وهي: الفهم الديني، والإرهاب، والتنمية. علّ ذلك يطرح نقاشًا مجتمعيًّا واسعًا، يركز على الصورة الكبيرة الشاملة، بدلًا من الاجتزاء والاختزال، والتحليلات غير الموضوعية.
فأولًا لا يخفى عليكم أنه قد خرجت من بيننا جماعات وأفراد أساؤوا فهم الدين، وفي أحيان أخرى كثيرة تعمدوا إساءة فهم الدين واستغلاله لتحقيق أهداف سياسية. ودأبوا على مدار عقود من الزمان على التأويل المتعسف للنصوص الدينية، ليُخرجوا منها ما يجعل الدنيا سوادًا، ويملأ القلوب كراهية، ويغرس في العقول أقصى معاني التطرف والانغلاق.
إن هذه الإساءة المتعمدة لفهم الدين، وهذا الخطاب المتشدد الإقصائي، لم يساهما فقط في توفير البيئة الخصبة لانتشار الإرهاب والعنف والتطرف، ولكن قاما كذلك بتسميم مجمل نواحي الحياة، بعيدًا عن المبادئ التي أرستها الديانات المختلفة، والتي تضمنتها الكتب السماوية.
لذلك فإنني أكرر أن تصويب الفهم الديني وتجديد مجمل الخطاب الديني، دون المساس بالثوابت، هو قضية حياة أو موت لهذا الشعب وهذه الأمة. أن ننظر بجدية إلى أفكارنا وما نردده، وما ننقله وننشره، وما نربي عليه أبناءنا، أن نُعَلّم الناس الدين الصحيح، البسيط، السهل، الذي يراعي حياة الناس وظروفهم. أن نؤسس خطابًا دينيًّا حديثًا يبني مجتمعًا متماسكًا يسوده التسامح والعدل والرحمة، خطابًا يربي أجيالًا قوية، واعية، مخلصة لوطنها وشعبها، تعيد لمصر مجد ماضيها، وتحافظ عليه إلى ما شاء الله.
وإنني إذ أُثمِّن غاليًا وأشيد بدور الأزهر الشريف؛ مؤسستنا العملاقة التي نفتخر بها. والتي كانت على مدار أكثر من 1000 عام وما زالت، وستظل، أهلًا للافتخار والثقة، فإنني أؤكد أن هذه المسؤولية تقع على عاتق المجتمع بأسره، الذي يتعين عليه أن يقف وقفة صادقة مع ذاته، يقرر فيها أنه قد آن الأوان للنظر إلى المستقبل. وبنائه بدلًا من التعلق بأهداب الماضي، يقرر فيه أنه قد آن أوان نبذ التطرف، والإقصاء والانغلاق والتشدد، والانفتاح على الدنيا بثقة وحب وتسامح ورحمة. وإنني لعلى ثقة مطلقة في قدرتنا جميعًا: المؤسسات الدينية ورجال الدين والفقه، المجتمع وقواه الحية وقوته الناعمة، المفكرين والمثقفين، والعلماء والفنانين، في أن نقدم للعالم نورًا يشع من مصر، ونموذجًا للخطاب الديني المتطور، نحقق به الحسنيين، إرضاءً لله سبحانه وتعالى، وتعمير الأرض، وإسعاد البشر”.
وتابع السيسي “يقودنا الحديث عن تجديد الخطاب الديني إلى ثاني ما يعيقنا عن تحقيق أهدافنا، واحتلال، أو تبوؤ ما نتمناه من مكانة، وهو الإرهاب، بكل ما يتسبب فيه من إرهاق للأرواح البريئة، وألم في الصدور، وشعور بالقلق وعدم الأمان، وإهدار للفرص الاقتصادية، وتعطيل للتنمية، وتأثير سلبي على مجمل أوضاعنا السياسية والاجتماعية.
والإرهاب كما قلت من قبل في الشهر الماضي، يتطلب أربعة عناصر لمواجهته والقضاء عليه، منها تجديد الخطاب الديني، والتعامل مع جميع التنظيمات الإرهابية بمعيار واحد، وإعادة بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها، لاستعادة الاستقرار بالمنطقة. وأخيرًا، منع تمويل الجماعات الإرهابية، وإيقاف مدها بالسلاح والمقاتلين.