الأول من يوليو 2018
أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي بعزل ضابط ملتحٍ عن الخدمة، والاكتفاء بالخصم من راتبه 15 يومًا، والتي أرست فيها المحكمة مبدأ قضائيًّا جديدًا يضع لوزارة الداخلية حلولًا أخرى تسهل من مسألة تعاملها مع أزمة الضباط الملتحين، بالموازنة بين حق الوزارة في تطبيق القانون والتعليمات الانضباطية، وحق الضابط المعزول في الاستمرار في عمله.1
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم إن قانون هيئة الشرطة أنشأ نظامًا منفردًا لإحالة ضباط الشرطة إلى الاحتياط، فأجاز لوزير الداخلية أن يحيل الضباط- غير المعينين في وظائفهم بقرار جمهوري- إلى الاحتياط لمدة لا تزيد على السنتين، بناء على طلبهم أو طلب أجهزة الوزارة لأسباب صحية تقرها الهيئة الطبية المختصة، أو إذا ثبت ضرورة وأسباب جدية تتعلق بالصالح العام لهيئة الشرطة أو للبلاد عمومًا.
وقارنت المحكمة في حيثيات حكمها بين نظام التأديب الذي اتبعته وزارة الداخلية في تلك الأزمة، ونظام الإحالة إلى الاحتياط الذي يعد نظامًا مختلفًا ومستقلًّا تمامًا في طبيعته القانونية وأهدافه وإجراءاته عن نظام تأديب ضباط الشرطة، وأقرت بموجب هذه المقارنة أولوية اتباع نظام الإحالة للاحتياط في الحالات التي تتعلق جديًّا بالصالح العام، والتي تدخل في زمرتها وقائع الاختلاف المستمر للمسلك الانضباطي للضابط في المجمل عن الأعراف والتعليمات الشرطية، خاصة مع صعوبة معالجة هذه الوقائع بنظام التأديب لأن احتمالات العود فيها أقرب إلى درئها.
وأوضحت أنه كان يستوجب على وزارة الداخلية إحالة الضابط الصادر لصالحه الحكم إلى نظام الاحتياط فإن عاد هو والتزم بتعليمات حلق اللحية؛ أعادته الوزارة للخدمة الفعلية، أما لو استمر على موقفه حتى انتهاء مدة الإحالة للاحتياط فتحيله إلى المعاش.
وفي هذا السياق شددت المحكمة على أن لجوء وزارة الداخلية إلى وسيلة التأديب في مسائل هي في الأصل خاضعة لسلطتها التقديرية في الإحالة إلى الاحتياط يعد نوعًا من الانحراف الممنهج في استعمال الإجراء القانوني الذي أوجب المشرع اتباعه- فضلًا عن إبراز الواقع العملي لعدم جدوى التأديب في معالجة بعضها- مؤكدة أن لجوءها لاتخاذ الإجراءات التأديبية تجاه الضباط في المسائل ذات الأسباب الجدية المتعلقة بالصالح العام تعد وسيلة قانونية غير مباشرة لإهدار حقوقهم، باعتبار أن التأديب قد يصل بالوزارة إلى إنهاء خدمتهم، في حين أن نظام الإحالة للاحتياط يعيدهم في نهاية المطاف إلى الخدمة العاملة مرة أخرى أو يحيلهم إلى المعاش بما يصاحب ذلك من حقوق أدبية ومالية وصحية واجتماعية لا يحصل عليها الضابط المعزول.
كانت المحكمة الإدارية العليا قد حكمت في جلسة الأربعاء 20 فبراير 2013 بإلغاء قرار وزارة الداخلية إحالة الضباط الملتحين إلى الاحتياط، على مدى صحة أو بطلان ما قامت به الوزارة من إحالة هؤلاء الضباط إلى مجلس التأديب والاحتياط، دون النظر إلى طبيعة المخالفة، أي إطلاق اللحية.
وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن مبادئ المحكمة الإدارية العليا استقرت على أنه لا يجوز إحالة الضابط للاحتياط ما دامت الوزارة أحالته للتأديب، إذ يتعين عليها في هذه الحالة الانتظار حتى يصدر العقاب المقرر عليه من مجلس التأديب.
وأشارت المحكمة إلى أن إحالة الضباط للتأديب لا تصح معها على الإطلاق إحالتهم للاحتياط عن ذات المخالفة التي أحيلوا بسببها إلى التأديب، ذلك لأنه طالما أن وزارة الداخلية رأت استخدام نظام التأديب بالنسبة للضباط، فإنها تكون قدرت أن ما أتاه وفعله لا يصل إلى حد الخطورة التي تتعلق بالصالح العام، والتي تؤدي إلى تطبيق نظام الإحالة للاحتياط.
وأوضحت المحكمة في أسباب حكمها أنها لم تتطرق إلى مدى أحقية ضباط الشرطة في إطلاق لحاهم من عدمه، حيث إن مجلس التأديب الابتدائي قد قرر وقفهم عن العمل لمدة 6 أشهر، وقاموا بالطعن على هذا القرار أمام مجلس التأديب الاستئنافي.
كانت حركة الضباط الملتحين أو ائتلاف ضباط الملتحين قد ظهرت في عام 2011، وخرج فيها مئات من رجال الشرطة أطلقوا لحيتهم وطالبوا بحقهم في ممارسة عملهم كشرطيين وهو ما يخالف القواعد الشرطية فيما يخص المظهر الخارجي لرجل الشرطة.
1لدى المبادرة المصرية نسخة من حيثيات الحكم