21 يونيو 2018
التقى البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية برؤساء الكنائس الأرثوذوكسية الشرقية، البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، وأرام الأول كاثوليكوس الأرمن لبيت كيليكيا الكبير في لبنان، بالمقر البطريركي للسريان الأرثوذكس بالعطشانة. ويعد هذا الاجتماع الرسمي الثاني عشر منذ عام 1997. وأصدر المجتمعون بيانًا مشتركًا تناول عدة قضايا تخص مسيحيي الشرق الأوسط من أبناء الطائفة الأرثوذكسية، ومحاولات التقارب مع الكنائس الأخرى.1
تناول البيان فرار عدد كبير من مسيحيي العراق وسوريا، واستهداف الأقباط وكنائسهم في مصر، واختطاف مطرانين من حلب هما المطران يوحنا إبراهيم رئيس طائفة السريان الأرثوذكس في حلب وتوابعها والمطران بولس يازجي رئيس طائفة الروم الأرثوذكس في حلب وتوابعها أثناء قيامهما بعمليات إنسانية في قرية كفر داعل بريف حلب في عام 2013، بالإضافة إلى الوجود المسيحي بشكل عام في الشرق الأوسط.
وقال البيان: “إننا نصلي بشكل خاص من أجل لبنان الحبيب الذي طالما جسد فكرة العيش المشترك بين مختلف مكوناته وهو اليوم يرزح تحت ثقل مئات الآلاف من النازحين بكرامة إلى أوطانهم، كما نصلي من أجل أبناء أوطاننا المتألمين بسب الأزمات والحروب وخاصة في مصر وسوريا والعراق والأراضي المقدسة، سائلين الله أن يعيد إلى ربوع بلادنا الأمن والسلام والى قلب المؤمنين الفرح والرجاء”.
وتابع البيان: “إن موضوع الوجود المسيحي في الشرق الأوسط همنا الأكبر وشاغلنا الأول. تدارسنا سبل تقوية الوجود المسيحي في المنطقة التي انبثقت منها المسيحية وذلك خدمة لأبناء مشرقنا من مسلمين ومسيحيين، إذ أن الوجود المسيحي هو ضرورة حتمية لتعزيز روح الانفتاح والعيش المشترك بسلام بين جميع مكونات هذا المشرق العزيز، كما أن هذا الوجود المسيحي الفعال يمثل سندًا قويًّا للكنيسة في بلاد الانتشار”.
واستطرد: “وبسبب التطورات الأخيرة الأليمة في المنطقة، التي نشأ عنها تشريد واقتلاع مئات آلاف المسيحيين من أوطانهم خاصة في العراق وسوريا، واستهداف الكنائس وأماكن العبادة كالتي تم تفجيرها في مصر (القاهرة، الإسكندرية، طنطا)، ارتقى عدد كبير من شهداء الإيمان الحقيقي بالمسيح الذين هم شهداء للكنيسة الجامعة، نطلب من الله القدير أن يقوي إيمان شعبنا، مقدمين التعازي لأسر الشهداء والدعاء من أجل شفاء الجرحى والمصابين”.
وبخصوص مطراني حلب المخطوفين، أوضح البيان أن “القضية تظل غصة… ﻷنها لا تخص المطرانيين فقط وكنيستهما بل هي قضية مسيحية و مشرقية عمومًا، مطالبين من كل الكنائس وأبنائها مواصلة الصلاة من أجل عودتهما سالمين مع سائر المخطوفين من كهنة وعلمانيين، وناشد البيان المجتمع الدولي من حكومات ومنظمات ومنها منظمة الأمم المتحدة، ومن أفراد أصحاب قرار أن يبذلوا كل ما في استطاعتهم من أجل هذا الموضوع”.
وتحدث البيان عن زيارة البابا فرنسيس والبطريرك المسكوني برثلماوس يوم 28 إبريل 2017 إلى الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة والصلاة المسكونية من أجل الشهداء المصريين الجدد في كنيسة القديسين (بطرس وبولس) بجوار المقر البابوي في العباسية بالقاهرة والتي كان قد تم تفجيرها في عام 2016، وذلك بحضور رؤساء جميع الكنائس في مصر.
وكشف البيان عن دعوتين لزيارتين مختلفتين لرؤساء الكنائس في الشرق الأوسط، الأولى دعوة البابا فرنسيس، رئيس الكنيسة الكاثوليكية، لرؤساء الكنائس في الشرق الأوسط إلى يوم صلاة وتأمل في مدينة باري في إيطاليا في اليوم السابع من شهر يوليو القادم، واللقاء الثاني هو مقترح من البابا تواضروس الثاني لاجتماع يضم رؤساء الكنائس الأرثوذكسية من العائلتين في المركز البابوي “لوجوس” بدير الأنبا بيشوى في مصر يوم 19 مايو 2019، لمناقشة التحديات الاجتماعية والأخلاقية التي تواجهه كنائسهم، بعيدًا عن الأمور السياسية والعقائدية.
وتناول البيان الحوارات اللاهوتية مع الكنائس الأخرى بخصوص محاولات التقارب بينهم، مثل التقارب مع الكنيسة الكاثوليكية، والكنيسة الأنجليكانية، وأخيرًا التقارب مع الكنيسة الأرثوذوكسية فيما يخص اللقاءات التي تم عقدها مثل لقاء مجموعة عمل من ممثلين رسميين للكنائس من العائلتين الأرثوذكسية الشرقية في أثينا/اليونان 24 – 25 نوفمبر 2014 حيث وضعوا خارطة طريق للعمل المستقبلي للجنة الحوار المشترك اللاهوتي الرسمي بين العائلتين، ومجموعة العمل التي اجتمعت بدعوة من الرئيسين المشاركين، المطران عمانوئيل، مطران فرنسا، والأنبا بيشوي، مطران دمياط وبحضور البطريرك الكاثوليكوس آرام الأول، في أنطلياس مساء يوم الخميس 12 إبريل 2018، والإعداد للقاء قادم لكامل اللجنة المشتركة، على أن يعقد اللقاء القادم للجنة بكامل هيئتها من 30 أكتوبر حتي 2 نوفمبر 2018 .
وأوضح البيان تلقي مجلس رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط خطابًا من الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي يعلن فيه الاحتفال بالذكري السبعين لتأسيس المجلس، معربين عن أمل مجلس الكنائس الأرثوذكسية أن يعبر مجلس الكنائس العالمي عن حقيقة مواقف الكنائس الأعضاء وأن يبقى مدافعًا عن قضايا السلم العالمي وحقوق الإنسان.
ومن جانبه قال البابا تواضروس في كلمته: “إن الأوضاع المسيحية تميل إلى الهدوء والسلام في الشرق الأوسط، وهذه نعمة من عند الله، ونشكر الله على الهدوء الذي بدأ في سوريا والعراق ومصر ولبنان، ونشعر أن لنا دورًا كبيرًا جدًّا من خلال هذه اللقاءات، ونرجو أن تستمر وترتفع أكثر وأكثر”.
وأضاف البابا: “أن الصوت الأرثوذكسي في العالم يجب أن يكون واضحًا ومسموعًا، ويجب أن يصل لكل المناطق الأرثوذكسية في العالم”. وتابع قائلاً: “نواجه تحديات كثيرة جدًّا، لا أقصد التحديات كالإرهاب الذي يضرب بعض الأماكن في العالم فقط، لكن الصراعات الموجودة في العالم، وأشعر أن الأرثوذكسية هي ضمير المسيحية في العالم، وهذا الضمير يجب أن يكون مسموعًا وواصلًا لكل شخص”.
واستكمل: “الحقيقة في كل مرة نتقابل فيها يأتي إلى ذهني أهمية الكيان المسيحي وأهمية الصوت الأرثوذكسي في الوجود المسيحي، الصوت الأرثوذكسي في العالم يمثل الصورة القوية في الحفاظ على المبادئ الإنجيلية، والسلام الاجتماعي، والشهادة العاملة لاسم المسيح”.