تعرض أقباط قرية “دمشاو هاشم” بمركز المنيا لاعتداءات طائفية، وذلك عقب تجمهر عشرات من أهالي القرية المسلمين عقب صلاة الجمعة أمام منازل أقباط بالقرية، مرددين هتافات عدائية، ورافضة لوجود كنيسة بها، ثم قاموا باقتحام منازل كل من عادل سعيد رزق، رضا عبد السيد رزق، كامل فوزي شحاتة، فوزي شحاتة بطرس، وتم نهب المشغولات الذهبية والأموال الموجودة بالمنزل، وتحطيم الأدوات الكهربائية والأثاث المنزلي و إضرام النيران في المنازل.
حصلت المبادرة المصرية على إفادات بأن الاعتداءات بدأت في الواحدة ظهرًا، عقب صلاة الجمعة، واستمرت حتى الرابعة ظهرًا، وأن قوات الأمن وصلت بعد نحو أربع ساعات، وأسفرت الاعتداءات عن إصابة عادل سيد رزق (54 عامًا) بجرح قطعي في فروة الرأس، وفضل عطية نجيب (45 عامًا) بجرح قطعي في الشفة العليا، وتم نقلهما إلى مستشفى المنيا العام.
وأوضح بيان صادر عن الأنبا مكاريوس الأسقف العام لمطرانية المنيا بأن القوات الأمنية كان لديها علم مسبق بعزم المتهمين القيام بهذه الأعمال، وذلك بعد أن وردت إليهم أخبار تفيد باستهداف الأقباط من قِبل بعض أهالي القرية، إلا أن الأمن لم يتدخل إلا بعد انتهاء المعتدين من اعتدائهم.
وقال الأنبا مكاريوس في بيانه: “كان المتطرفون في قرية مجاورة تُدعى عزبة سلطان، قد فعلوا نفس الشيء منذ أسابيع، وبسبب عدم الردع انتقلت العدوى إلى هذه القرية، ومن بين ما تردد من هتافات أنهم إنما يفعلون ذلك أسوة برجال قرية سلطان ومن ثم فاحتمال امتداد ذلك إلى قرًى أخرى وارد، ما لم يتم عقاب المحرضين وردع المعتدين”.
وجاء في بيان مطرانية المنيا أن أقباط قرية “دمشاو هاشم” تعرضوا لاعتداءات طائفية سابقة في العام 2005، الأمر الذي دفع بعض الأسر المسيحية إلى ترك القرية، ولم يُعاقَب أي من الجناة، مشيرًا إلى وجود دعوات تحريضية ضد الأقباط في تلك القرى على صفحات التواصل الاجتماعي.1
وبالرغم من وجود قوات الأمن منذ مساء الجمعة فإن الشرطة لم تُلقِ القبض على أيٍّ من المتهمين، إلا بعد تناول وسائل التواصل الاجتماعي الحادثة وصدور بيان الأنبا مكاريوس، ليأتي رد فعل الشرطة في اليوم التالي _الأول من سبتمبر_ حيث ألقت القبض على ما يزيد على ثلاثين من الأهالي، وفرضت قوات الشرطة إجراءات مشددة داخل القرية لمنع تجدد الأحداث، كما قامت النيابة بمعاينة الخسائر التي وقعت بممتلكات الأقباط.
وتناول الأنبا مكاريوس في عظة له الأجواء بالقرية قبل الاعتداءات2 وقال:
“إتصل بينا أحد المسئولين قبل يوم الجمعة ده بتلات أربع أيام يقول لنا ياريت أبونا إللي بينزل يصلي قداسات هناك مينزلش اليومين دول عشان فيه توتر.. وإحنا أطعنا من أجل السلام ومن أجل المحبة.. وقلت ﻷبونا متنزلش الجمعة والأحد الجايين دول.. طبعًا الآباء الكهنة بينزلوا كل قرى ونجوع الإيبارشية لافتقاد أولادنا ويصلوا لهم قداسات في البيوت حتى القرى إللي مفيهاش كنايس وده طبيعي جدًّا.. ويزوروا الناس ويشوفوا احتياجاتهم حتى لو معندهمش كنيسة.. بس قلت ﻷبونا بلاش الأسبوع ده لئلا يكون فيه أي حاجة”.
وأضاف الأنبا مكاريوس:
“ومما يؤسف ليه أيضًا أن في قرية عزبة سلطان وقرية دمشاو هاشم تتم استضافة القوة المكلفة بحفظ الأمن في القرية في منازل بعض المطلوبين للعدالة.. يعني واحد مطلوب للعدالة يستضيف عنده قوة الأمن يسهروا عنده ويأكلوا يشربوا عنده وكأنهم بيدوه شرعية يعني ليستمر في التجاوزات ويئذي الأقباط”.
وفي يوم الأحد 2 سبتمبر أصدرت نيابة المنيا قرارًا بحبس 21 متهمًا 4 أيام على ذمة التحقيقات، وجهت إليهم تهم إثارة الفتنة الطائفية وتكدير السلم العام، والاعتداء على ممتلكات الغير، ثم تم التجديد لهم 15 يومًا فيما بعد.
وقال الأنبا مكاريوس للمبادرة المصرية3: “الاعتداءات هذه المرة ليست بخصوص بناء أو ترميم كنيسة، إنما بسبب رفض المتشددين وجود المسيحيين في القرية”.
وحصلت المبادرة المصرية على عدد من الإفادات التي أكدت قيام بعض المسئولين التنفيذيين بممارسة ضغوط على أهالي القرية المسيحيين لقبول الصلح العرفي، والتنازل عن حقوقهم القانونية من أجل أن يسود السلام والهدوء القرية.
وفي نفس السياق، أصدرت جمعية “المصالحة والسلام” في قرية دمشاو هاشم بيانًا بعنوان: “دعوة”، تقول فيه: “حفاظًا على وحدة البلد ونسيج الوطن الواحد والمحافظة على الأمن وحرصًا على دوام المودة الموجودة بين أبناء الوطن الواحد وتعاونًا مع رجال الأمن المسئولين عن أمن الوطن، تتشرف اللجنة وتتقدم بدعوة مسئولي بيت العائلة بمحافظة المنيا للتعاون مع اللجنة في ترميم الصدع الحاصل بين أهالي القرية ولم الشمل”.
وردًّا على هذه الدعوة كتب الأنبا مكاريوس على حسابه موقع “تويتر” _9 سبتمبر_ يقول: “نرفض رفضًا قاطعًا أيَّة جلسات عرفية، ولا نعترف بنتائجها، ونشجب الضغط على بعض البسطاء للجلوس إليها، فهي تهدر الحقوق وغالبًا ما تتم الترضية فيها على حساب الأقباط… نحن مع دولة القانون والمواطنة التي ينادي بها الرئيس عبد الفتاح السيسي”.
وفي 27 سبتمبر 2018، قرر قاضي المعارضات في محكمة المنيا الجزئية، إخلاء سبيل المتهمين.
1لدى المبادرة المصرية نماذج من دعوات التحريض التي انتشرت عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك.
2 عظة الأنبا مكاريوس في 5 سبتمبر 2018.
3إفادة تليفونية في 2 سبتمبر 2018