أزمة بين أسقف مغاغة وأقباط دير الجرنوس

2018-08-21 . تمييز وعنف طائفي . ممارسة شعائر دينية

21 أغسطس 2018

تظاهر أعداد من أقباط قرية دير الجرنوس بمركز مغاغة شمال محافظة المنيا اعتراضًا على سياسات الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة، وهو المسئول الديني الأول في المنطقة، وأصدرت مطرانية مغاغة بيانًا بخصوص الأحداث أعلنت خلاله وقف الصلوات والقُدّاسات بكنيسة العذراء بقرية دير الجرنوس، موضحة أن السبب هو وجود مغالطات واتهامات سقط فيها بعض الشباب القبطي بالشكاوى المكتوبة الموجهة إلى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أو بالكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي، ضد المطرانية والأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة. إلا أن المطرانية عادت وفتحت الكنيسة أمام القداسات، مع استمرار الأزمة بين الجانبين على خلفية مكان دفن عدد من ضحايا حادث استهداف أقباط على طريق دير الأنبا صموئيل المعترف،1 وتشكيل لجنة الكنيسة لجمع التبرعات من الأهالي.

وأوضح بيان مطرانية مغاغة2 أن الأزمة تعود لعام 2017، عندما وعد الأنبا أغاثون ببناء مزار لشهداء المذبحة في كنيسة العذراء في القرية، وقال البيان: “فوجئ الأنبا أغاثون وبعض الآباء ووكيل المطرانية، وكهنة قرية دير الجرنوس، بأن بعض رهبان دير الأنبا صموئيل أحضروا سبعة أنابيب إلى منزل الشهيد عايد بالقرية، طالبين من بعض الشباب والناس بالقرية وأهالي الشهداء نقل رفات الشهداء إلى دير الأنبا صموئيل، لا إلى كنيستهم وألا يبنى مزار لهم”.


وأضاف البيان: “منذ أن قامت المطرانية بعمل مزار للشهداء بفناء كنيسة السيدة العذراء بقرية دير الجرنوس، قام الشباب المحرضون بمنع بناء المزار وهدم ما يتم بناؤه، واستمر هذا الحال لمدة 21 يومًا، وجاء بعض كبار العائلات بالقرية إلى المطرانية واعتذروا للأب الأسقف عن ما حدث من أبنائهم وسامحهم تقديرًا لكبار البلد حتى مع عدم اعتذار المحرضين”.


ولفت البيان إلى أنه وبالرغم من ذلك تم بناء مزار في فناء الكنيسة من الوجهة البحرية، ونُقل رفات الشهداء إلى المزار في احتفال لائق حضره أكثر من سبعة آلاف شخص على رأسهم الأنبا أغابيوس أسقف دير مواس والأنبا مكاريوس أسقف عام المنيا، وتم تطييب الرفات في 25 مايو الماضي (2018)، وإقامة القداس الإلهي الخاص بهم، وتم إذاعته على أكثر من قناة.


وتابع البيان: “وانتدب الأنبا أغاثون كاهنًا فاضلًا للخدمة بالقرية، فقامت لجنة الكنيسة وبعض من الخدام بإعداد خطاب وتم توقيعه ووجهوه للأب الكاهن أثناء صلاة قداس الذكرى السنوية للشهداء، طالبين ألا يخدم بكنيستهم، ما تسبب في حرج للأب الكاهن والأسقف الذي انتدبه”.


واختتم البيان: “بأن المطرانية اتخذت قرارًا لكي لا تعطي شرعية لهؤلاء الخارجين ولأفعالهم، وتفاديًا لاحتكاكهم بالآباء الكهنة وتعديهم عليهم بالقول واليد، لذلك أوقفت الصلوات والقداسات إلى حين الجلوس مع كبار البلد لرد أبنائهم عن سلوكهم الخاطئ، ومعرفة حدودهم، أما من جهة الماليات الخاصة بكنيسة السيدة العذراء بقرية دير الجرنوس، وبقية كنائس الإيبارشية، فيوجد نظام مالي دقيق ومنظم وتحت مسئولية لجان متخصصة بالأمور المالية والإدارية بالمطرانية والكنائس، وحساب كل كنيسة مسجل بالمطرانية، ودخل كل كنيسة خاص بها، والمطرانية لا تأخذ من أي كنيسة ماديات بل تعطي المطرانية الكنائس الفقيرة والمحتاجة”.

وبعد ساعات من البيان الأول، عادت مطرانية مغاغة والعدوة لإصدار بيان أخر بخصوص صلاة عيد العذراء -يوم الأربعاء 22 أغسطس- قالت فيه: “كلف نيافة الحبر الجليل الأنبا أغاثون أسقف الإيبارشية، القمص أغاثون طلعت نجيب، أحد الآباء وكلاء المطرانية، بإبلاغ أبونا شنودة جرجس، أحد كهنة كنيسة السيدة العذراء بقرية دير الجرنوس- مركز مغاغة، بالقيام، بصلاة قداس العيد، اليوم، الأربعاء، 22 أغسطس، 2018، ومعه بقية الآباء الكهنة، إلى حين الاجتماع مع أهالي الشباب الذين قاموا بعمل المشكلة وما ترتب عليها”.

وفي يوم 22 أغسطس أصدر كهنة كنيسة السيدة العذراء بيانًا يعتذرون فيه للأنبا أغاثون عما بدر منهم ومن الشباب الذين يقومون بأفعال ضد الرئاسة والكنيسة.3

تعود جذور أزمة كنيسة العذراء مع الأنبا أغاثون لعام 2017 عندما وقعت مشاجرات بين أبناء قرية دير الجرنوس وبين الأنبا أغاثون عقب مذبحة دير الأنبا صموئيل، وذلك لإصرار الأنبا أغاثون على بناء مزار للضحايا من دير الجرنوس في كنيسة العذراء بالقرية إلا أن الأهالي فضلوا بقاء الأجساد في دير الأنبا صموئيل.

وفي يوم 26 مايو 2018 تجمهر عدد من الشباب داخل كنيسة العذراء بدير الجرنوس، محاولين إلقاء مطالبهم على مسامع الأنبا أغاثون، وأوضح بيان المطرانية وقتها أنه “قبل انتهاء القداس الإلهي بدقائق معدودة قام بعض من الخدام وأغلقوا باب الكنيسة، أثناء وجود الأسقف وسمع بصوت عالٍ بعض الخدام مطالبين بإتمام مطالبهم، فقال الأنبا أغاثون سوف يتم تحديد موعد لسماع مطالبكم، وقام بعض الكهنة بتهدئتهم، إلا أن الخدام اعتدوا بالضرب على الأب القس اسطفانوس إسحق كاهن كنيسة العذراء، والقس فيلبس صبحي كاهن كنيسة الشهيد أسطفانوس وتمزيق ملابس الشماس مينا عزيز، وتهديد عمال المطرانية” على حد قول البيان. وأرسل بعض شباب الكنيسة بشكوى ضد الأنبا أغاثون إلى البابا تواضروس الثاني الذي أمر بإحالتها للأنبا لوكاس للنظر فيها.

وفي شهادته للمبادرة المصرية، قال فوزي أحد أبناء قرية دير الجرنوس، ويقطن في المنزل الملاصق لكنيسة العذراء4:

“مش صحيح أن الشباب قفلوا الكنيسة، الشباب بس واربوا الباب شوية، عشان محدش يشوف المشاكل إللي جوه، مفيش أي تهجم حصل على الكنيسة أو على الأنبا أغاثون، إللي حصل هو مشادات كلامية يعني بالكلام فقط، إحنا شبابنا متربي وبيحترم رجال الكنيسة، الحكاية إن فيه قريتين أو قرى حوالين دير الجرنوس الشباب بتاعها بيجي يحضر الكنيسة هنا أو في مغاغة عشان معندهمش كنيسة، وفيه حوالي 60 ألف جنيه ديون على الشباب دول، وطلبوا من سيدنا مساعدتهم، وقالوا له الفلوس الكتير إللي بتيجي هنا للكنيسة بتاخدوها إنتوا ومفيش حاجة بتطلع لينا، رغم إننا بنخدم هنا، وبنتعب برضو، وعندنا 1800 طفل عايزين يكونوا زي أطفال القرى التانية ده حقهم، لكن سيدنا زعل من الكلام، وقال لهم إنتوا شباب مش متربي وقرى مقرفة ومتخلفة”.

وتابع فوزي في شهادته: “5 عربيات فيهم شيوخ البلد وناس مهمة راحوا للأنبا أغاثون 3 مرات، وهو رفض يقابلهم، ومتمسك بموقفه، وبيقول لنا إنتو بلد متخلفة، ومش كويسين.. يعني ده موقفه من ناس رايحه تعتذر له، حتى الكهنة نفسهم رجعوا متهانين من عنده…. سيدنا عل رأسنا من فوق، إحنا دلوقتي محتاجين البابا شخصيًّا يتدخل، ويبعت لنا حد من مصر يجي يقعد معاه، ومع الشباب عشان يخفف الحدة إللي موجودة، والشباب دول حسوا إنهم إتهانوا جدًّا، رغم إنهم مغلطوش في سيدنا، والناس إللي حوالينا شمتانين فينا، إيه يعني لما سيدنا يساعد الشباب دول؟ هو قبل كده كان مُصر يبني المزار في حوش الكنيسة، قلنا يا سيدنا ده إللي بنعمل فيه الأفراح والمآتم والعيال بتلعب فيه، لأنه هو المنطقة الواسعة إللي فيها هوا وبراح، لكن هوه أصر أننا نبني المزار فيه فإحنا قلنا له مش هينفع”.

في 23 أغسطس، استمعت نيابة مغاغة لأقوال تسعة مواطنين أقباط فيما يخص محضر الشرطة المقدم ضدهم من الأنبا أغاثون، والذي يتهمهم بجمع تبرعات بغير وجه حق، وتم صرفهم من النيابة بدون توجيه اتهامات بشكل رسمي.

وحصلت المبادرة المصرية على إفادة من أحد سكان القرية، جاء فيها:

“الأنبا أغاثون بيتهم الشباب إنهم بيلموا فلوس تبرعات من غير علمه، بس الغريب إنهم لما وصلوا النيابة، كان أعضاء مجلس الشعب هناك، وناس من الأمن الوطني والمحافظة، وقالوا لهم دلوقتي دي مشكلة بينكم، عايزين تخلوها جوه الكنيسة ولا تطلع براها.. طبعًا الأمن مبسوط بده إننا نتخانق مننا فينا.. ويقفلوا لنا الكنايس.. والكنيسة بتاعتنا هنا دي شريان الحياة.. فيه كنايس تانية إنجيلية وطوائف تانية لكن الأرثوذكسية أهم واحدة. في النيابة قالوا لهم إن الراجل بتاعكم (يقصد الأنبا أغاثون) إحنا عارفينه وهو بتاع مشاكل ومش كويس، الغريبة إن الأنبا أغاثون جمع كل الكهنة، وأجبرهم على أنهم يمضوا على اعتذار، واستخدم الاعتذار ده عشان يقدم بيه بلاغ في النيابة… إللي حاصل في الأزمة الأخيرة دي أن محدش عايز يتنازل، كل واحد متمسك بموقفه.. بس أنا عرفت إن مدير الأمن كلم النيابة، وقال لها الشباب دول كويسين ومعملوش حاجة.. سيدنا راجل كويس بس في حاجات غريبة أوي بيعملها مش فاهمينها”.

وأصدر كهنة الكنيسة بيانًا اعتذروا خلاله عن غلق أبواب الكنيسة بعد صلاة الذكرى السنوية الأولى لشهداء دير الأنبا صموئيل أثناء حضور الأسقف والوفد المرافق له. هذا وقد شكل البابا تواضروس الثاني وفدًا بابويًّا للقاء كافة الأطراف وحل الأزمة. وأصدر الوفد بيانًا في 29 أغسطس جاء فيه أنه “تم الاتفاق على نقل القس شنودة سعد للخدمة في قرية أخرى، وأن تظل إيرادات الكنيسة في خزانة الكنيسة بشرط أن تقوم الكنيسة بتولي كافة المتطلبات من مرتبات وأخوة الرب والإنشاءات وأن تحل اللجنة القديمة وتجمد عمل اللجنة الجديدة المشكلة من الأسقف وأن يتم التنازل عن المحاضر المحررة بقسم شرطة مغاغة”.

1وقعت يوم الجمعة26 مايو2017 وراح ضحيتها 29 قتيل وعشرات الجرحى كانوا في طريقهم لزيارة دير الأنبا صموئيل المعترف وكان من بينها … من مواطني قرية دير الجرنوس.

4شهادته تليفونية من فوزي أحد أبناء القرية في 25 أغسطس 2018.