25 نوفمبر 2020
،شهدت قرية البرشا بمركز ملوي جنوب محافظة المنيا توترات واشتباكات بين مسلمي ومسيحيي القرية مساء الأربعاء 25 نوفمبر 2020، على خلفية نشر تعليق اعتبر أنه مسيء للإسلام بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك. وفقًا لشهادات متنوعة من القرية، فإن عشرات من الشباب المسلم جابوا بعض شوارع القرية بدءًا من السابعة مساءً مرددين هتافات دينية وأخرى عدائية تجاه الأقباط وتدعو إلى الاعتداء عليهم، ورشقوا أبواب ونوافذ المنازل بالطوب وزجاجات المولوتوف. واستقر المتجمعون في المنطقة التي يتواجد بها المعهد الديني ومجمع المدارس وكنيسة الشهيد أبو سيفين، والتي كانت تشهد اجتماعات النهضة السنوية لقديس الكنيسة. وعلى أثر ذلك، تجمع شباب مسيحي للدفاع عن ممتلكاتهم، ومنع اقترابهم من الكنيسة، وتبادلوا معهم الرشق بالحجارة وزجاجات المولوتف.[1]
وتدوولت مقاطع فيديو للاعتداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منها ما يوثق لحرق حظيرة ماشية مملوكة لأحد الأقباط، في حين ظهر أحد الأشخاص يحرض على التوجه إلى الكنيسة، وفي مقطع ثالث ظهرت سيدة تستغيث، وهى تصرخ من أعلى منزلها، وتقول “دخلوا على البيوت، وبيرموا المولوتوف علينا، في إصابات في عيالنا، والأمن مش قادر عليهم. كل ما يضرب في حته يطلعوا في حته تاني.”[2]
في نحو التاسعة مساء، جاءت تعزيزات أمنية بقيادة اللواء محمود خليل مدير أمن المنيا، وقامت قوات الشرطة بإطلاق قنابل الغاز، وفرضت كردونًا لمنع دخول القادمين من خارج القرية، وفرقت المتجمهرين، وسيطرت على منطقة الأحداث. وكثفت من حراسة كنائس القرية الأربع، وتم إخراج المصلين من كنيسة الشهيد أبو سيفين، وإيصالهم إلى منازلهم وسط حراسة الشرطة. هذا، وحاول متجمهرون الوصول إلى منزل عائلة الشاب المتهم بنشر البوست، لكن جيرانًا مسلمين منعوهم وتصدوا لهم وقاموا بحماية الأسرة.
وفقًا لشهادة بعض أهالي القرية أسفرت الاعتداءات عن:
– إصابة سيدة مسنة تدعى “إستوليا” نتيجة سقوط زجاجات مولوتوف عليها بمنزلها، وتم نقلها إلى مستشفى المنيا.
– حرق حظيرة ماشية مملوكة لشخص يدعى نادر نظيم.
– سرقة ماشية من أشرف سعيد .
– تكسير وإتلاف أتوبيس مملوك لكنيسة الشهيد أبو سيفين بالقرية.
– تكسير بعض نوافذ منازل الأقباط
أصدرت مطرانية ملوي للأقباط الأرثوذكس، التي تتبعها القرية دينيًّا بيانًا حول الواقعة، نشرته على موقع المطرانية على الفيس بوك قبل أن ترفعه وتتراجع عنه، قالت فيه إنه في مساء الأربعاء 25 نوفمبر الجاري، قام مجموعة من الشباب غير المسيحيين بقرية البرشا التابعة لمركز ملوي، بالاعتداء بالحجارة على بعض السيارات المملوكة للكنيسة ومنازل بعض المسيحيين الذين تجمعوا للدفاع عن ممتلكاتهم، كما أدى إشعال النيران في أحد المنازل إلي إصابة سيدة مسنة بحروق، وتم نقلها إلى مستشفى المنيا، وإصابة بعض الشباب بجروح، وذلك على خلفية انتشار “بوست” يتضمن إساءة لرسول الإسلام، على صفحة مسروقة بموقع التواصل الاجتماعي لأحد أبناء القرية، وغير المتواجد بها، ويدعى “جرجس سميح” حيث تم الترويج لها من بعض مثيري الفتن من شباب القرية، كما تمت سرقة بعض الماشية ونهب بعض المحال الصغيرة.[3]
وقد استغاث أهالي القرية بالأمن الذي حضر بكامل قواته، وقام بالقبض علي مجموعة من الطرفين وجاري إجراء التحريات وحصر الخسائر. وشددت المطرانية في بيانها أنها ترفض أي إساءة أو تجاوز من أي شخص ضد أي ثابت من الثوابت الدينية الإسلامية أو المسيحية، وتدعو الجميع للتكاتف لبناء الوطن وحماية مقدساته ووأد الفتن في مهدها. وتقدمت المطرانية بالشكر لمحافظ المنيا، ونائبه والسيد مدير الأمن ومفتش جهاز الأمن الوطني وجميع القيادات الأمنية والتنفيذية والشعبية والأوقاف والأزهر وبيت العائلة والسادة نواب مجلسي الشيوخ والنواب ولجنة المصالحات لسرعة استجابتهم وحضورهم في مكان الحدث وقيامهم بمجهودات لإعادة لم شمل القرية كما كانت، حمى الله مصر وبارك شعبها.”
وفي اليوم التالي للأحداث، عقد اللواء أسامة القاضي محافظ المنيا ونائبه الدكتور محمد محمود أبو زيد لقاءً مع عدد من أهالي القرية بمدرسة البرشا الإعدادية المشتركة بحضور ممثلين لبيت العائلة ولجنة المصالحات والأوقاف والأزهر والكنيسة وعدد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب.
وشدد المحافظ، على أنه سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد كل من يخطئ أو يسييء للآخرين، ولن يُسمح بالخروج عن القانون لأي شخص يحاول إشعال الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
وأكد على ضرورة تفعيل لجان المصالحات ببعض القرى التي تسمح طبيعتها بذلك مع إعادة النظر في القائمين على تلك اللجان وتشكيلها، مع تفعيل الخطاب الديني المعتدل، موجهًا ممثلي الأوقاف بالتركيز على موضوع «عدم التعصب والتسامح» ضمن خطبة الجمعة.
وقد ألقت قوات الأمن القبض على عشرات من أهالي القرية المسلمين والمسيحيين، ثم ترحيلهم إلى قسم شرطة ملوي، حيث حققت معهم، وأخلت سبيل بعضهم، فيما أحالت البعض الآخر إلى النيابة. كما ألقت الشرطة القبض على الشاب جرجس سميح المتهم بنشر التعليق الذي وصف بأنه مسيء للدين الإسلامي، من إحدى مزارع الماشية بإحدى محافظات الوجه البحري حيث يعمل. وقررت نيابة المنيا حبس 35 متهمًا، منهم 15 قبطيًّا و20 مسلمًا 15 يومًا على ذمة التحقيقات، في القضية التي قيدت برقم 8291 لسنة 2020 إداري ملوي.[4]
وفي 9 ديسمبر 2020، نظم أعضاء مجلسي
النواب والشيوخ وكبار العائلات ورجال الدين من الطرفين جلسة صلح بقرية البرشا
لتهدئة أجواء التوتر السائدة في القرية. وأكد القمص يوسف كاهن
القرية في كلمته، أن الأقباط يرفضون أي
إساءة تجاه الآخر، وما حدث لن يؤثر على علاقة أهل القرية بعضهم البعض، ووجه الشكر
للجهات الأمنية. وقال أشرف عشيري عضو
مجلس الشيوخ: “أنا من أبناء البرشا ونشكر الجهات الأمنية
والمحافظ وأبناء البرشا أنهم على قلب واحد لن يفرقهم أي شيء، وأي عمل خارج عن
الإطار القانوني سيترك للقانون”.[5]
[1]حصلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على عدد من الشهادات لعدد من أهالي القرية والضحايا وأسرة الشاب المتهم بنشر البوست المسيء للإسلام، ذلك حول الأحداث وتصاعدها والخسائر الناجمة عنها.
[2]مقطع فيديو للأحداث على موقع يوتيوب.
[3]لدى المبارة المصرية للحقوق الشخصية نسخة من بيان مطرانية ملوي الصادر بتاريخ 26 نوفمبر 2020.
[4]عدة إفادات من يوثام الصفتي محامي عدد من المتهمين في الأحداث.
[5]نادر شكري، صلح بين الأقباط والمسلمين بـ”البرشا” يعيد الحياة للقرية واستئناف الأنشطة، وطني، 9 ديسمبر 2020.