14 إبريل 2019
أصدرت وزارة الأوقاف كتاب “بناء الشخصية الوطنية” وهو خلاصة مجموعة من البحوث التي تناولها مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التاسع والعشرين. وقال وزير الأوقاف د. محمد مختار جمعة إن فكرة الكتاب تقوم على أن مصالح الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان، وأن الحفاظ على الأوطان أحد أهم الكليات والمقاصد الضرورية التي أصّلها الشرع، كما يؤكد أن الوطنية الحقيقية ليست شعارات ترفع أو عبارات تردد، إنما هي إيمان بالوطن، وعمل دؤوب لرفعة شأنه واستعداد دائم للتضحية من أجله.[1]
وأضاف الوزير أن الكتاب يعمل على تعزيز قيم الانتماء الوطني، وتفاعل مؤسسات المجتمع من الأسرة، إلى التعليم، فالثقافة، فالإعلام، فسائر المؤسسات الوطنية، في ترسيخ قيم المواطنة المتكافئة دون تمييز، فالوطن لأبنائه جميعًا، وهو بهم جميعًا. حيث أن المواطنة الحقيقية تعني حسن الولاء والانتماء للوطن، والحرص على أمن الدولة الوطنية، واستقرارها، وتقدمها، ونهضتها، ورقيها, كما تعني الالتزام الكامل بالحقوق والواجبات المتكافئة بين أبناء الوطن جميعًا, دون أي تفرقة على أساس الدين أو اللون أو العرق أو الجنس أو اللغة, غير أن تلك الجماعات الضالة المارقة المتطرفة المتاجرة بالدين لا تؤمن بوطن ولا بدولة وطنية, فأكثر تلك الجماعات إما أنها لا تؤمن بالدولة الوطنية أصلًا من الأساس, أو أن ولاءها التنظيمي الأيديولوجي فوق كل الولاءات الأخرى وطنية وغير وطنية, فالفضاء التنظيمي لدى هذه الجماعات أرحب وأوسع بكثير من الدولة الوطنية والفضاء الوطني.
وأكد الكتاب على الآتي:
أولًا: أن مصالح الأوطان لا تنفك عن مقاصد الأديان، وأن العمل على تقوية شوكة الدولة الوطنية وترسيخ دعائمها مطلب شرعي ووطني، وأن كل من يعمل على تقويض بنيان الدولة أو تعطيل مسيرتها، أو تدمير بناها التحتية، أو ترويع الآمنين بها، إنما هو مجرم في حق دينه ووطنه معًا .
ثانيًا: أنه حيث تكون المصلحة، ويكون البناء والتعمير، فثم شرع الله وصحيح الإسلام، وحيث يكون الهدم والتخريب والدمار فثمة عمل الشيطان وجماعات الفتنة والدمار والخراب .
ثالثًا: أن كثيرًا من المشكلات العصرية وحالات الشقاق التي تصل إلى حد الاحتراب والاقتتال المجتمعي أو الدولي أحيانًا, يمكن أن يُحلَّ الكثير منها بإقرار مبدأ المواطنة المتكافئة، وترسيخ فقه المواطنة بديلًا لفقه الأقلية والأكثرية، فمصطلح الأقلية والأكثرية يشعرك ابتداءً بأن هناك فريقين، أحدهما قوي والآخر ضعيف, ولو بالمقياس العددي، أما مبدأ المواطنة المتكافئة فتذوب فيه العصبيات الدينية والعرقية والطائفية والمذهبية والقبلية، وسائر العصبيات الخاطئة المدمرة.
رابعًا: أن أكثر الدول إيمانًا بمبدأ المواطنة وحرصًا على تطبيقه
وأكثرها إيمانًا بحق التنوع والاختلاف واعتباره إضافة وتراثًا؛ هي أكثر الدول
أمنًا وأمانًا واستقرارًا وتقدمًا وازدهارًا، كما أن جميع الدول التي وقعت في فخ
الاحتراب والاقتتال الطائفي أو العرقي أو المذهبي أو القبلي عصفت بها المحن, فسقطت وتمزقت وهوت وتشـرد أبناؤها وعانوا الأمرين, ولَم تقم لها ولا لهم قائمة.
[1] بناء الشخصية الوطنية، د. محمد مختار جمعه، وزارة الاوقاف، 2019.