20 ديسمبر 2022
رفضت المحكمة الإدارية العليا- دائرة فحص الطعون الطعن رقم 29171 لسنة 98 ق، والمقدم ضد حكم القضاء الإداري بالإسكندرية برفض إلزام محافظة الإسكندرية بتخصيص قطعة أرض كمقابر للفئة الرابعة (البهائيون) والمسجل لهم في خانة الرقم القومي علامة (-)، ذلك كبديل لمقابر قديمة كانت تسمى مقابر أحرار الفكر أو “المقابر المدنية” في جبانات الشاطبي، واستخدمت تاريخيًّا لدفن رفات غير المنتمين إلى الأديان الثلاثة، قبل أن يعاد تخصيصها لإحدى الجمعيات القبطية ومستخدمة كمقابر للمسيحيين، ولم تعد متاحة لدفن موتى “الفئة الرابعة”.
محكمة القضاء الإداري كانت قد قضت خلال جلستها التي انعقدت في 27 ديسمبر 2021، برفض تخصيص مقابر للبهائيين في الإسكندرية، ذلك في الدعوى رقم 7060 لسنة 75 ق، بعد تقدم 34 مواطنًا في 12 يوليو 2020، بطلب إلى مكتب شكاوى مجلس الوزراء، يحمل رقم 2903473، لتخصيص قطعة أرض لإقامة مقابر لكل المصريين الذي يحملون في خانة الديانة علامة (-)، وجاء بالطلب أنه يمكن تحديد قطعة الأرض المناسبة من قبل المجلس، وتقدمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بطعن على القرار.
وقدم المدعون طعنًا أمام مجلس الدولة ضد كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير الإدارة المحلية، ومحافظ الإسكندرية، ومدير الجبانات بالمحافظة، يلتمسون خلاله قبول الطعن شكلًا، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تخصيص مقابر للطاعنين بالجبانات العامة، بما ترتب عليه ذلك من آثار أخصها تخصيص قطعة أرض للطاعنين في المكان الذي تحدده جهة الإدارة بنطاق محافظة الإسكندرية لتكون في جبانة عامة لجميع المواطنين المصريين الذين يحملون علامة الشرطة (-) قرين خانة الديانة، والثابتة ببطاقة الرقم القومي الخاصة بهم مع تحملهم كافة الرسوم والمصروفات الخاصة برسم الانتفاع، وإلغاء القرار المطعون عليه بما ترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الشقين.
ودفع الطاعنون بالمادة 64 من الدستور المصري التي تؤكد على حرية العقيدة، وأيضًا المادة 53 التي تشير إلى أن المواطنين متساوون أمام القانون، والمادة 92، والتي تنص على أن الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها. وأن أحكام القانون رقم 5 لسنة 1966 بشأن الجبانات وقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 باللائحة التنفيذية لهذا القانون، قررت أن أراضي الجبانات هي من أراضي الدولة, وأن المشرع ناط بالمجالس المحلية في حدود اختصاصها إنشاء الجبانات وصيانتها وإلغاءها وتحديد رسم الانتفاع بها.
وجاء رفض الطعن، لعدم اعتراف الدولة بالديانة البهائية وحل المحافل البهائية في الستينيات ومخالفة طلباتهم للنظام العام وإلى أن الدولة ملزمة بتخصيص مقابر لأتباع الأديان الثلاثة المعترف بها فحسب.
وردت مذكرات محامي المبادرة بأن التقارير تتجاهل حكم القضاء الإداري بإضافة (-) في خانة الديانة في أوراق أتباع غير الأديان الثلاثة، وهو ما يجعلهم فئة رابعة من فئات التنوع الديني، وبما إن المقابر تخصص لكل فئة دينية، فإن الدولة ملزمة بتخصيص مقابر للفئة الرابعة، بغض النظر عن الاعتراف بالديانات الأخرى أو عدم الاعتراف بها، لأن الحق في الدفن حق أساسي لا يجوز تعطيله، فضلًا عن كون إهدار الحقوق الأساسية لهذه الفئة تحت دعاوى عدم الاعتراف هو تمييز ديني وانتهاك للدستور والقانون ومبدأ المساواة بين المواطنين.
وتقدم محامو المبادرة المصرية بمستندات تثبت تخصيص الدولة في العهدين الملكي والجمهوري مقابر لأتباع ديانات غير معترف بها، وبعضها بقاياه لا يزال قائمًا، كما أن هناك جبانة وحيدة مخصصة لدفن موتى البهائيين في القاهرة تم تخصيصها في الثلاثينيات من القرن الماضي ولكن توشك مساحاتها على النفاد فضلًا عن مشقة السفر بالجثامين من كل أنحاء الجمهورية. كما قدم محامو المبادرة مع أوراق الدعوى صورة إيصال صادرة عام 1965 من “جمعية المدفن المدني” في الإسكندرية ثمن شراء قطعة أرض لدفن السيدة جليلة جرجس (بهائية الديانة) والتي لا يزال شاهد قبرها قائمًا إلى الآن ضمن بقايا المدفن في مقابر الشاطبي بالإسكندرية، وتظهر عليه نصوص دينية بهائية. وكانت جمعية المدفن المدني تدير المقابر المخصصة لأحرار الفكر في الإسكندرية التي ضمت رفات أفراد متنوعي الديانة أو لا ينتمون إلى أي دين، ووفق شهادات البهائيين فإن السيدة جليلة جرجس هي آخر من دفن في تلك المقابر.