22 مارس 2018
قال البابا تواضروس الثاني في حوار صحفي أجراه مع صحيفة اليوم السابع: “نحن أمام رئيس متميز، الظروف والأقدار وضعته أمامنا، الرئيس السيسي الذي اعتبرناه هدية من السماء لإنقاذ مصر”، وأكد البابا أن الانتخابات الرئاسية لا بد أن يكون للمرشح الرئاسي برنامج، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ليس بحاجة لبرنامج، وقال “نحن نشاهد برنامجًا عمليًّا على الأرض طوال أربع سنوات مليئة بالإنجازات في كل المجالات”.1
وعن علاقة الكنيسة بمؤسسة الرئاسة خلال الفترة الرئاسية الأولى قال “الرئيس السيسي أعاد العلاقات بين الكنيسة والدولة لصوابها، وقبل ذلك كانت منقوصة”.
وتحدث البابا أيضًا عن نسبة النواب الأقباط في البرلمان وقال “شهدت انتخابات مجلس النواب تمثيلًا إيجابيًّا للأقباط حتى وإن كانت نسبتهم قليلة، ولكنها تعكس صورة طيبة عن وجود الأقباط جوار المسلمين”.
وبخصوص قانون بناء الكنائس قال “الكنائس كانت تبنى بالخط الهمايوني منذ أيام الحكم العثماني، وهذا الحق لم يكن يعطينا الحق في بناء الكنيسة كأن الدولة كانت تتفضل علينا بذلك، ونصف المشاكل والفتن الطائفية والخلافات كانت بسبب بناء الكنائس وهو أمر عليه علامة استفهام كبيرة، ماذا يضيرك كمسلم أن نبني كنيسة؟ معنى وجود قانون أن هناك حقًّا، فإذا قابلت مسؤولًا متعسفًا أستطيع أن أقاضيه بناء على هذا القانون”.
وعن وجود مشاكل وعدم تطبيق فعلي للقانون قال “لا بد من وجود فترة مرحلية بين إصدار قانون وبين 160 عامًا بلا قانون، فمن الطبيعي أن تمر علينا ثلاث أو أربع سنوات انتقالية بين صدور القانون وبين تفعيل القانون على الأرض، والقانون شقان، الأول بناء كنائس جديدة، وهو في سلطة المحافظ فهناك محافظون متفاهمون ونبهاء ولا أعني التفاهم مع الأقباط بل يتفهم مجتمعه، فالمحافظ الذي يتفهم الأمر يتفق مع جميع الأجهزة وتصدر قرارات بناء الكنيسة خلال شهرين أو ثلاثة، وطبعًا نواجه العكس ولكنني أؤمن أن هذا الأمر مرحليًّا”.
واستمر حديث البابا عن قانون بناء الكنائس قائلًا “الشق الثاني في القانون هو ترخيص الكنائس التي أقيمت بأي وسيلة أخرى غير القرار الجمهوري، بعض الكنائس بنيناها بالتفاهم مع الأمن أو السلطات المحلية أو استخدمنا أساليب متعددة أيًّا كانت وهي الكنائس التي تشكلت لجنة من مجلس الوزراء لتقنين أوضاعها”.
“وجود كنائس غير مرخصة دليل على المتاعب التي كنا نعاني منها في إنشاء الكنائس، وهو في حد ذاته دليل إدانة للوضع السابق، و3 آلاف كنيسة تم بناؤها على مدى عشرات السنين، ولا يستطيع أن يحدد أحد احتياج مجتمع أو قرية لكنيسة غير الكنيسة نفسها هو «أنا هبني كنيسة فانتازيا، وهبني الكنيسة عاشان إيه هتفرج عليها؟» أكيد محتاجها، ومعظم الكنائس غير المقننة ستجدها صالة أو غرفة مثل شقتين تم فتحهما على بعضهما البعض، أنا شخصيًّا صليت في كنائس مساحتها 70 مترًا، والشعب يقف يصلي على السلالم”.
وبسؤاله عما تبقى من حقوق الأقباط قال: “اللي فاضل الفكر أو التعليم أن نعلم أبناءنا الصغار في المدارس ألا ينظروا لقضية الدين أبدًا، بل معيار الكفاءة في الإنسان، ولا يصبح عامل الدين هو معيار تصنيف البشر، والنقطة الثانية على الإعلام والثقافة أن يتمتع بالحياد في إظهار شخصية الإنسان المصري، سواء مسلم أو مسيحي، نشعر بالتمييز في بعض القصص والأفلام والمسلسلات، وأنت كإعلامي أو صحفي حين تخاطب شعب مصر عليك أن تضع في اعتبارك أن الأغلبية مسلمين ومسيحيين، تصور مثلًا في عيد القيامة المقبل تأتي وتهنئني بعيد الميلاد، هذا دليل على عدم التقدير، هناك بعض المسؤولين ينظرون للشخص بعين الدين وليس الكفاءة أنا شاطر بس يا خسارة مسيحي، نسمعها كثيرًا في الجامعة وبعض الأعمال وهي ثقافة نحاول أن نغيرها في هذا المجتمع”.
وردًّا على سؤال أن ربط علاقة الدولة بالمواطنين الأقباط عن طريق الكنيسة يضر بمصالح الأقباط قال: “أعتبر التفاهم مع الدولة نعمة من الله، لدينا رئيس متفاهم وبه ميزة هي أن هذا الرئيس السيسي منفتح على الجميع سواء أزهر أو كنيسة أو فن أو الأمهات، هو فعلًا يحقق فكرة مصر للجميع”.
وعن الحوادث الإرهابية ضد الأقباط في مصر قال “يهمني الوطن قبل الكنيسة، الوطن يمثل البيت، وربنا ما يسمحش وميكتبش علينا بنشوف في سوريا إللى بيحصل فى عفرين، شيء يبكي، ليلة الاثنين خرج 6 آلاف شخص من عفرين، والأحداث التي تستهدف الكنائس أفهم تمامًا مع قطاع عريض من المصريين أنها ليست موجهة للأقباط ولكن للوطن، ما الهدف من هذه الأحداث إلا أن دا يمسك ف دا وتضيع البلد، في التاريخ الحديث عام 1975 حدث خلاف صغير بين مسيحي ومسلم في لبنان تفجرت الحرب الأهلية في لبنان 15 سنة، وربنا ما يسمحش، في بلادنا نتفهم ذلك تمامًا وهي أهم نقطة في حياتنا المصرية”.
تحدث البابا أيضًا عن أقباط المهجر وقال: “أرفض كلمة أقباط المهجر، لأن هناك مسلمين هاجروا أيضًا من مصر، ولكننا نسميهم بأقباط المهجر، لأن الكنائس المصرية في الخارج تجمعهم، السفراء في كل دولة حين يريدون مخاطبة الأقباط يذهبون لكنائسنا وهي ميزة وجود الكنائس القبطية المصرية في الخارج”.
“هجرة الأقباط بدأت من حوالى 50 أو 60 سنة، وهى هجرة ارتبطت بأزمات الوطن، مثل ثورة 1952 يخاف الأقباط فيهاجرون، ثم قوانين التأميم، وبعدها حرب الستة أيام، وحرب 1973 واغتيال الرئيس السادات، ثم موجة عنف الثمانينات، خروجهم من مصر مرتبط بأزمة وخبرة سيئة وحين ذهبوا للخارج وجدوا جوًّا مفتوحًا وحرية كاملة، المواطن الأجنبي يستطيع أن يقف في أي مكان ويشتم رئيسه وهو أمر يختلف عنا هنا، لذلك الاهتمام بهم هناك خفف حدة ما يشعرون به تجاه مصر، ظلوا مرتبطين بالوطن حتى أن كثيرًا منهم يطلب دفنه في مصر”.
وتحدث أيضًا عن موقف الكنيسة المصرية من الحكم وقال “الكنيسة القبطية تأسست منذ القرن الأول الميلادي، وبدأت مصرية خاصة، ومنذ تكوينها ليس لها علاقة بالحكم المدني ولا تسعى للسلطة بل هي عملها روحي وتخدم المجتمع”.
وعن العمل الحزبي والأحزاب ذات الخلفية الدينية قال: “أشجع كل المصريين على المشاركة في حركة الوطن والمجتمع ولا أشجع التوجهات الحزبية القائمة على الدين، كأحزاب إسلامية ومسيحية فقط لأن ذلك يؤخر الوطن، أتمنى أن تتأسس في مصر أحزاب قوية”.
وبسؤاله عن عدم وجود لاعبي كرة قدم مسيحيين في الأندية المصرية قال: “لا تسألي الأقباط بل اسألوا الملاعب والأندية، التشجيع أجمل شيء، هل من المعقول كل فرق القدم في مصر مفيهاش واحد قبطي، مفيش واحد قبطي رجله سليمة ولعب كورة شراب في الشارع وبقى لاعب، وهو أمر يرجع لإيه؟، ليس للأقباط، إحدى نقاط الضعف في مجتمعنا هي أننا لا نبحث عن اصطياد المهارات والطاقات”.
وعن مشاركة الكنيسة في العمل الدبلوماسي قال “نبني علاقات ونؤثر في أخرى ولنا دور دولي مهم جدًّا، حاليًّا لدينا 33 أسقفًا خارج مصر، حتى بلغت الكنيسة دولة بوليفيا، وهي كلها إضافة لمصر، لدينا أساقفة في أوروبا يوصلون رسائل سياسية هناك، وفي كل زياراتنا بالخارج نزور المسؤولين، وأتذكر رئيس دولة أوروبية زرتها في يونيو 2014 قطع أحد الرؤساء إجازته وجاء يسألنى: هل هي ثورة أم انقلاب؟ ليرسم سياسة بلاده تجاه مصر، لأن الإعلام الغربي تسبب في التشويش على حقيقة الأوضاع، وجاءني السفير المصري هناك وقال لي: «قداستك عملت حاجات أنا مقدرش أعملها» فقلت له «لم أتعلم الدبلوماسية ولا حاجة»”.
وعن الانقسام داخل الكنيسة قال: “لا وجود لتيارات داخل الكنيسة، وإنما البعض لديهم عقول منغلقة ولم يتعودوا على فكرة الانفتاح على العالم، كنيستنا عمرها أكثر من ألفي سنة ومثل الجبل، وأصحاب العقول المنغلقة يخشون ذوبان الكنيسة أو ضياعها أو أن أحدًا يشتريها”.
وردًّا على سؤال حول مدى تأثير هذه التيارات المنغلقة على الكنيسة قال “يتداول هؤلاء أخبارًا كاذبة وشائعات على السوشيال ميديا والناس تصدقها، ولكننا بنعمة ربنا عارفين طريقنا ومستقرون وكنيستنا قوية جدًّا وتقاليدها حاكمة”.
وبسؤاله عما أسماه بعض الصحفيين بأموال الأقباط وكيفية إدارتها في ظل توقف المجلس الملي عن العمل منذ سنوات قال “مفيش حاجة اسمها أموال الأقباط، كل كنيسة لديها مجلس يديرها، وأمين صندوق بالانتخاب والتعيين، 70 كنيسة في الإسكندرية تخضع لمراجع حسابات وهو أمر لم يكن موجودًا من قبل”.
وعن إقرار المجمع المقدس تعديلات قانون الأحوال الشخصية منذ 3 سنوات، وعدم صدور القانون، قال “بعدما أقر المجمع المقدس القانون، نصحتنا الدولة بالاتفاق مع باقي رؤساء الطوائف لإصدار قانون موحد، وما زال هناك نسبة الـ%10 عليها اختلافات بين الطوائف المسيحية حتى اليوم”.
وعن أزمة دير وادي الريان، قال “عند إنشاء دير لا بد من الحصول على إذن منا، نعطي فترة سماح عدة سنوات نتعامل فيها مع الدير كمشروع تحت التأسيس، ولا بد أن يكون فيه حياة رهبانية وروحية منتظمة صلاة الساعة 4 صباحًا وقداس الصبح، ونظام، وعليه أن يستقبل إخوة «رهبان» تحت الاختبار، ثم أشكل لجنة من الآباء الأساقفة ليكتبوا تقريرًا عن الدير، ثم يدخل لجنة شؤون الرهبنة ونحصل على قرار بناء على تصويت اللجنة، والدير أمامه وقت طويل حتى يحصل على اعتراف المجمع”.