البابا تواضروس الثاني يقابل الرئيس الفرنسي ماكرون: الهجمات التي تعرضت لها الكنيسة المصرية بهدف ضرب الوحدة الوطنية

2019-01-29 . تطورات سياسية . مؤسسات مسيحية

29 يناير 2019

استقبل البابا تواضروس الثاني يوم الثلاثاء 29 يناير 2019 في كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالعباسية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته والوفد المرافق له. وقال البابا في كلمته: “السيد الرئيس إيمانويل ماكرون والسيدة الفاضلة قرينته والوفد الفرنسي يسرني أن أرحب بكم في مقر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وباسم المجمع المقدس وسائر الهيئات القبطية أرحب بكم على أرض مصر المقدسة التي تباركت بزيارة العائلة المقدسة في بداية القرن الأول الميلادي”.

وتابع: “السيد الرئيس، إننا نرحب بكم في بلادنا مصر، وهي تقود خطة طموحة في التنمية والتنمية المستدامة، لتقود مستقبل مشرق.. فإننا نتابع لقاءكم مع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وكل المسؤولين المصريين، ونعتز بزيارتكم إلى كاتدرائية ميلاد السيد المسيح ومسجد الفتاح العليم في العاصمة الإدارية الجديدة. هذه العاصمة التي تبنيها مصر والتي تم افتتاحهما منذ أسابيع قليلة تعبيرًا عن روح العصر الجديد الذي تعيشه مصر لكل المصريين، وعن الإرادة السياسية القوية التي أفخر بكل إنجازاتها ومشروعاتها، حيث نعمل جميعًا من أجل السلام والاستقرار وبناء مصر الحديثة”.[1]

وفي تعقيب على كلمة الرئيس ماكرون أدلى البابا بعدد من التصريحات، قال فيها: “كنائسنا تعرضت لهجمات كثيرة، ومن ارتكبوا هذه الهجمات كانوا في الأساس ضد الوحدة الوطنية الموجودة في مصر”.

وتابع: “نحن نعيش حول نهر النيل الذي جعل منا وحدة واحدة، وهذا الأمر هو في غاية الضرورة أن نحافظ على الوحدة الوطنية الموجودة في مصر، وهذا سر وحدتنا وقوتنا، وعندما تتجول فخامتكم في شوارع مصر لا تستطيع التفريق بين إنسان مصري مسيحي وإنسان مصري مسلم، إلا فقط بأن هذا يعبد في مسجد وهذا يعبد في كنيسة. فالوحدة الوطنية هي المعيار والقيمة الأولى التي نحافظ عليها هنا في مصر من خلال الحوار ومن خلال التعليم”.

“الواقع أن الكنيسة القبطية هي من أقدم مؤسسات مصر وهي كيان شعبي قديم فإننا نرى في المجتمع أن المشكلة الأولى هي التعليم.. التعليم بكل جوانبه، ونرى أن التعليم هو مفتاح الحل لهذه المشكلة، وكما تعلم فخامتكم أن الاقتصاد مرتبط بالبيئة وهذا لا يتم الترابط بينهم إلا من خلال التعليم”.

وتابع: “نحن نعاني من الزيادة السكنية وهذه الزيادة التي تؤثر على مشروعات التنمية التي تقوم بها الدولة المصرية ولكن التعليم، جودة التعليم، وتدريب المدرسين ونشر المدارس وتحديث المناهج كلها وسائل تساعد في هذا الأمر وأعتقد أن دولة فرنسا لها باع طويل في هذا الأمر، والمدارس الفرنسية في مصر لها تأثير قوي في جودة التعليم بصفة عامة ونحن نحاول من خلال الكنيسة من خلال مشروعات صغيرة تنضم إلى مشروعات كبيرة تقوم بها الدولة إقامة المدارس وبعض المستشفيات والعيادات التي تساهم في الرعاية الصحية”.

“لذلك نحن نعتمد على أهمية الحوار فمثلًا لدينا هنا في مصر ما نسميه مجلس كنائس مصر يضم خمسة أعضاء يشمل كنائس مصر وبيننا تعاون، وهناك بيت العائلة وهو مؤسسة بين الكنيسة القبطية والأزهر، وأيضًا يوجد تعاون على المستويات الاجتماعية ويوجد حوار اجتماعي دائم وكل هذا يساهم في الاستقرار”.

“المهم أن الإنسان يحاول باستمرار أن يفهم المجتمع، وكما تعلم فخامتكم أن الغرب يمثل عقل العالم والشرق يمثل قلب العالم، وبين العقل والقلب هناك حوار يجب أن يستمر ويجب أن نفهم بعضنا بعضًا، فلدينا تاريخ ولدينا تقاليد.. مبادئ.. قيم كثيرة في الشرق، ويجب أن نفهم عقلية الشرق وكيف عاش وتاريخنا أمر مهم جدًّا”.

“نحن نرحب بكل تعاون يمكن أن تقدمه فرنسا ونعتبر الشعب الفرنسي وفرنسا بصفة عامة من أقرب الدول التي تفهم مصر وتعرف مصر وتدرس مصر. لذلك الحوار والتعليم هما أساسان لجعل السلام هو الأرضية المستقرة”.

واستطرد قائلًا: “نحن نحتاج للحوار ولمزيد من الحوار سأذكر لفخامتكم تجربة قامت هنا في مصر، فقد عقدنا اجتماعًا بين ٢٠ كاهنًا قبطيًّا و٢٠ إمامًا مسلمًا، وجلسوا ثلاثة أيام في أحد الفنادق يتحاورون معًا، يتناقشون معًا، يأكلون معًا، يسألون بعضهم البعض.. وبعد الأيام الثلاثة هذه قاموا بزيارة إحدى المدارس وكان منظرًا غريبًا أن يرى طلبة المدرسة الصغار يد الكاهن في يد الشيخ وهم يزورون المدرسة”.
ثم أتوا إلى هنا والتقيت معهم جميعًا ٤٠ شخصًا، ثم ذهبوا لفضيلة الشيخ الإمام الطيب، وهذا الأمر أوجد نوعًا من أنواع التقارب الشديد جدًّا، حتى أن أحد الشيوخ قال لي: “إنني عندما كنت أرى كاهنًا يسير في شارع كنت أترك هذا الشارع، لكن بعد هذه الأيام الثلاثة، الآن عندما أرى كاهن سأعبر الشارع لكي أسلم عليه حتى لو لم أكن أعرفه”.
نحن نحتاج لتعضيد لمثل هذه الأساليب من الحوار ليس الحوار كلامًا، بل أفعالًا، وإن وُجد هذا الحوار في المدارس سيكون أمرًا جيدًا. والأمر الذي يمكن أن تساعد فيه فرنسا هو تقوية العملية التعليمية بصفة عامة وبناء الفكر والثقافة في أذهان المدرسين، وهذا شيء مهم جدًّا وأنا أعتقد أن فرنسا بتاريخها وبعلاقتها مع مصر تفهم وتعرف المصريين جيدًا، وأعتقد أن هذا الأمر سيكون له مردود طيب في السنوات القادمة.


[1]صفحة المتحدث الرسمي باسم الكنيسة على موقع فيس بوك.

https://www.facebook.com/CopticSP/photos/a.596805163690959/2118759828162144/?type=3&theater