9 يوليو 2018
نحو العاشرة مساءً، هاجم عشرات من مسلمي قرية منبال بمركز مطاي شمال محافظة المنيا منازل مسيحيي القرية بالطوب والحجارة، ونظموا عدة مسيرات بشوارع القرية، مرددين هتافات عدائية ومطالبين بمنع دخول رجل الدين المسيحي المسئول عن كنيسة القرية وترحيل أسرة شاب مسيحي قيل إنه أساء للدين الإسلامي. 1
كانت أجواء من التوتر تسود القرية في وقت سابق للاعتداءات منذ الجمعة 6 يوليو، عقب تجمع عدد من الأهالي على خلفية أخبار انتشرت بأن عبده عياد عادل بباوي، ويعمل صانع للقربان بكنيسة الأمير تادرس الموجودة بالقرية، قد قام بمشاركة مقال يتضمن عبارات مسيئة للدين الإسلامي على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، وعلى أثر ذلك حضرت قوة من مركز شرطة مطاي وألقت القبض على الشاب القبطي وفرضت حراسة على منزله وزادت من قوة التأمين على الكنيسة.
وأسفرت الاعتداءات عن تحطيم نوافذ وأبواب عدد من المنازل وإحدى الصيدليات. هذا ولم تستطيع القوة الأمنية التي كانت عبارة عن سيارة شرطة وعدد من أفراد الأمن التعامل مع الجمع الغاضب الذي رشق القوة الأمنية بالحجارة فانسحبت من موقعها حتى جاءت تعزيزات إضافية من مديرية أمن المنيا بقيادة مدير أمن المنيا، حيث قامت بالانتشار وفرضت عدة كمائن أمنية ومنعت الدخول للقرية بدون فحص أوراق الثبوت الشخصية، وتم القبض على أعداد من الشباب المسلم اتهموا بإثارة الأهالي والتحريض علي التظاهر وتكدير السلام الاجتماعي، بينما بقى غالبية السكان الأقباط داخل منازلهم ولم يخرجوا خلال الأيام التالية للأحداث.
و أصدرت مطرانية مطاي التابع لها الكنيسة بياناً استنكرت فيه ما حدث بالقرية وطالبت الشرطة بالتدخل لتهدئة الأوضاع، وجاء في البيان: “تعلن مطرانية مطاي وتوابعها للأقباط الأرثوذكس استنكارها لما حدث في قرية منبال التابعة لمركز مطاي بمحافظة المنيا، كما تعلن أنه لا توجد أي تعديات على أبناء الطائفة نظراً للمحبة القوية والعلاقات التي تربط مسيحيي القرية بمسلميها وأن ما حدث ما هو إلا سحابة صيف زائلة دون قصد الإساءة إلى إخواننا المسلمين. كما تشيد بما قام به رجال الأمن العام ورجال الأمن الوطني في سرعة التحرك والسيطرة على الأمور لحل المشكلة وإعادة الاستقرار والسلام للبلاد”.
كما أصدر القمص مكاريوس أنطون كاهن كنيسة الأمير تادرس بقرية منبال بياناً عبر صفحته على الفيس بوك استنكر فيه الأحداث وقال: “نستنكر وبشدة ما نشر على صفحات التواصل الاجتماعي والذي يفهم منه إساءة إلي إخوتنا المسلمين.. ونحن بدورنا لا نقبل لا من قريب ولا من بعيد هذه الإساءة حمى الله بلادنا من الشر”.
وأمرت نيابة مطاى، بحبس الشاب المسيحي 4 أيام، لاتهامه بازدراء الدين الإسلامى، وإثارة الفتنة بين سكان القرية، ثم تم التجديد له 15 يوما على ذمة التحقيقات.
وأفاد القمص مكاريوس القمص أنطون أنه اجتمع مساء الثلاثاء – 10 يوليو- مع بعض القيادات الأمنية والرموز الدينية وعدد من ممثلي عائلات القرية المسلمة داخل كنيسة الأمير تادرس في محاولة لتهدئة الأوضاع، واتفقوا على تنظيم جلسة للصلح العرفي حين يستقر الوضع الأمني وتهيئة الأمور لقبول ذلك. وقدم القمص الشكر لأجهزة الأمن التي قامت بدورها – وفقا لشهادته- في احتواء الوضع المتوتر والحيلولة دون تصاعده.
وأضاف أن القرية يسكنها أغلبية مسيحية، وتشهد أنشطة ثقافية واجتماعية مشتركة بين المسيحيين والمسلمين من خلال منتدى الحوار بجمعية الأمير تادرس المشرقي التي قام بتأسيسها بالقرية، والتي تعمل على نشر التسامح وقبول الآخر.
وفي ١٧ يوليو ٢٠١٨، عقدت الأجهزة الأمنية بالمنيا، جلسة صلح عرفية داخل قاعة مجلس مدينة مركز مطاي، حضرها اللواءان محمد الخليصي مساعد وزير الداخلية لمنطقة شمال الصعيد، وممدوح عبد المنصف حبيب مدير الأمن، والعميد الدكتور منتصر عويضة مدير إدارة البحث الجنائي، وقيادات المديرية البحثية والنظامية، وإدارة الأمن الوطني، وفرع الأمن العام، وعددًا من رموز العائلات من مسلمي ومسيحيي القرية، وبعض عمد ومشايخ القرى المجاورة وأعضاء مجلس النواب عن دائرة مركز مطاي ومنهم: أحمد شمردن وهانم أبو الوفا.
خلال الجلسة ألقى ممثلون عن الجانبين المسيحي والمسلم، كلمة للحضور أكدوا فيها على العلاقات المتأصلة التي تربط بين جميع الأهالي في قرية منبال، ونبذ الخلافات والتصالح، وعقب الانتهاء تصافح الطرفان وتعهد الجميع على مجابهة الخلافات ومنع أي تجاوزات تؤدي إلى الفتنة، واتفق الطرفان على تكوين لجنة مصالحات تضم “العقلاء من الطرفي”ن لحل المنازعات المستقبلية، وكذا عمل لقاءات ورحلات بينهما لتقريب وجهات النظر لنبذ ودحر أي أفكار خاطئة.
وقال مدير الأمن، إن الصلح يأتي في إطار خطة العمل بالمديرية التي تهدف لإجراء المصالحات بين أطراف الخصومات، حقنًا للدماء ولصالح الأمن العام، منوهًا أن المديرية اتخذت الإجراءات اللازمة لإنهاء الخلافات القائمة بين بعض أهالي قرية منبال التابعة لمركز مطاي.
هذا، وحتى نهاية العام كانت أسرة الشاب المسيحي تقيم خارج منزلها وفقا لتعليمات من جهات أمنية، وقد طالبت عدة مرات بالرجوع إلى المنزل لكن طلب منها الانتظار حتى هدوء الأوضاع، ذلك بالرغم من صدور حكم حضوريًا بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل.
1اعتمد المبادرة المصرية في هذا التقرير على إفادات متنوعة حصلت عليها من القيادات الدينية وأسرة الشاب وعدد من المسئوليين الشعبيين وشهود العيان الذين شهدوا الأحداث وشاركوا في الجلسة العرفية.