7 يوليو 2021
أصدرت الدائرة “32” لشئون الأسرة بمحكمة استئناف القاهرة، حكماَ بإلغاء حُكم محكمة أول درجة الصادر من محكمة أسرة الزيتون والذي قضى برفض دعويين أقامهما زوج مسيحي يطالب بالتطليق من زوجته بوصفها ارتكبت “الزنا”، وإسقاط حضانة طفليهما عنها وضم الصغار لأم الأب.
صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 12644 لسنة 137 قضائية، حيث أقام المستأنف الدعوى المستأنف حكمها بطلب إسقاط حضانة المدعى عليها عن الصغيرين “ل” و”ن” وأمرها بتسليمهما إليه على سند من القول إنه متزوج من المدعى عليها بموجب عقد زواج مسيحي متحدي الملة والطائفة وفقًا للائحة الأقباط الأرثوذكس، وقد أنجبت له الصغيرين “ل” و”ن”، وأنه فوجئ بتاريخ 4 مايو 2019 بزوجته المدعى عليها في مسكن الزوجية عارية في وجود شخص أخر يختبئ بشرفة المسكن، فبادر بالاتصال بالنجدة، وتحرر محضر بالواقعة، وأقرت وشريكها بارتكاب الزنا، وهو ما أكدته التحريات مما يجعلها غير أمينة على الصغيرين، الأمر الذي حدا به إلى إقامة الدعوىين.[1]
وتداولت الدعويين بالجلسات – وقضت محكمة أول درجة برفضهما على أساس أن: “الزوج سبق له، وأن تنازل عن دعوى ارتكاب زوجته للزناء منعاَ للفضيحة وللحفاظ على سمعة الأبناء، وأنه بمجرد تنازل الزوج أمام النيابة الجزئية المختصة عن حقه في الشكوى يسقط معه جميع الحقوق المترتبة على تلك الشكوى لكونها حقًّا أصيلًا له دون غيره وفقًا لما انتهت إليه أحكام المحاكم الجنائية، وكذلك محكمة النقض وهو الأمر الذي ينحصر معه دور محكمة الأسرة عن القضاء بالتطليق (لارتكاب الزنا) حال تنازل الطرف الأصيل فيه عن شكواه الجنائية.
وقالت محكمة أول درجة في حيثيات حكمها عن رفض الدعوى “ولما كانت محكمة الأسرة حيال نظرها لدعوى مطروحة أمامها تأخذ في الاعتبار كافة مناحي الدعوى، ولا يغيب عن بالها أن هناك صغارًا في مقتبل حياتهم لا ينبغي أن تنال منهم خلافات والديهما الزوجية التي من شأنها أن تؤثر عليهم منذ لحظة صدور الحكم في دعوى الأسرة حتى ممات هؤلاء الصغار لكونها محكمة ولاية على النفس وحريصة على مصالح الصغار في المقام الأول في حدود النصوص القانونية الملزمة لها”.
وأودع محامي الزوج المُستشار ألبير أنسي صحيفة استئناف بأسباب عدة أهمها خطأ محكمة أول درجة في تطبيق القانون، وذكر في صحيفته ردًّا على الحكم: “أن الفقه والقضاء مُجمع على أن تنازل الزوج عن رفع الدعوى العمومية قِبَل زوجته في جريمة ارتكاب الفاحشة يمنعه من العودة إلى رفع الدعوى التبعية بالتعويض ستراً للفضيحة العائلية، وهي الحكمة التي من أجلها أباح له الشارع حق عرقلة دعوى ترفع باسم المجتمع إلا أن هذا النظر لا يسري على دعاوى التطليق بالذات. وإلا كان في الأمر إجحاف بحقوق الزوج الذي يؤثر التنازل عن شكواه ستراً للفضيحة لأن فيها إجبارًا له على العيش مع زوجة كانت تستحق العقوبة الجنائية لو ثبت زناها في الدعوى الجنائية التي تنازل الزوج عنها، ولا مجافاة في هذا القول للقانون أو لروح التشريع نظراً لأن المادة 456 أج تنص على أنه: “ما يحوز حجية من الأحكام الجنائية، هو ذلك القاضي بالإدانة أو البراءة المؤسسة على عدم ثبوت الواقعة أو عدم كفاية الأدلة وليس من بينها مثل انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل”، وذلك طبقًا للحكم الصادر في الدعوى 711 لسنة 1975 أحوال شخصية كلي القاهرة جلسة 13/6/1958.
وقالت محكمة الاستئناف في حيثيات الحكم أن المادة 50 من لائحة الأقباط الأرثوذكس المعدلة في عام 2008 اعتبرت الزنا الحكمي سببًا يوجب التطليق استنادًا لجريمة الزنا أي الزنا في معنى النص يقصد به الزنا الحقيقي والزنا الحكمي بالصورة التي عددتها المادة من اللائحة، وأن ذلك يخول للزوج البريء الحق في رفع دعوى الطلاق للزنا. وكانت المادة 50 نصت على اعتبار أن وجود رجل غريب مع الزوجة في حالة مريبة أو وجود امراة غريبة مع الزوج في حالة مريبة في حكم الزنا كما أنه بسؤال المستأنف ضدهما وبإجراء التحريات أسفرت عن وجود علاقة غير شرعية بين المستأنف ضدهما وشخص آخر .
وأضافت محكمة الاستئناف في حيثيات الحكم – لما كان ذلك – وكانت محكمة أول درجة قد قضت برفض الدعوى لما سبق بيانه فإنها تكون قد خالفت القانون لرفضها الدعوى استنادًا لتنازل الزوج عن دعواه الجنائية في حين أنه ووفقًا لما هو مستقر عليه من أحكام مر بيانها لا يسري هذا التنازل ولا يمتد أثره إلى غير الدعوى الجنائية، وخاصة أنه لا يؤثر على دعوى التطليق بالذات، وإلا كان في الأمر إجحاف بحقوق الزوج الذي يؤثر التنازل عن شكواه ستراً للفضيحة لأن فيها إجبارًا له على العيش مع زوجة كانت تستحق العقوبة الجنائية، وحيث أن محكمة أول درجة قد خالف ذلك – وقضت بما هو ثابت بحيثيات الحكم للأسباب المبينة فيه فإنها تكون خالفت القانون مُهدرة حق الزوج في التطليق الأمر الذي نلتمس معه إلغاء الحكم الطعين فيما قضي فيه برفض الدعوى والقضاء مجددًا بالطلبات الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى.
ولهذه الأسباب، قضت محكمة الاستئناف بإلغاء حكم محكمة أول درجة والقضاء مجددًا بالتالي:
1- بتطليق المستأنف “ن. س” من المستأنف ضدها “ع. م” لعلة ارتكاب الزنا وإلزام المستأنف ضدها بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي مع حفظ كافة حقوق المستأنف الأخرى بسائر أنواعها.
2- وفي الدعوى الثانية: بإسقاط حضانة الأم – المستأنف ضدها – عن الصغيرين، وذلك لعدم أمانتها عليهما،
وبضمهما لأم الأب لتتولى شئون رعايتهما.
[1] لدي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية نسخة من الحكم.