3 مارس 2018
من كان يعتقد أن مكانًا مقدسًا قصده الحجاج والمتضرعون لسنوات يتحول مع الوقت إلى أنقاض تحمل فوقها أكوامًا من القمامة والأثاث الرث والجثث المتعفنة، فوضى بعضها فوق بعض اجتذبت كل شىء عدا الصلوات والدعوات التى كانت تملؤها، هنا كل شىء تحول إلى النقيض واخُتزلت الجدران الأثرية التى تعود لعهد للفاطميين فى زاوية يحتمى بها مدمنو المخدرات، فعلى بعد حوالى 150 كيلومترا من القاهرة فى حى سوق اللبن بمدينة المحلة الكبرى، تقف على أنقاض كنيس الحاخام حاييم الأمشاطى أو ما يسمى بمعبد خوخة اليهود الذى يعانى من الإهمال مثله مثل آثار أخرى منها مساجد أثرية فعلى سبيل المثال مسجد الرفاعى، أحد المساجد الأثريّة الشهيرة بالقاهرة، كونه أكبر مقبرة ملكية، يظله أقدم سقف خرسانى فى تاريخ مصر، حاصرته المجارى وجراج المركبات المتهالكة، كما طال الإهمال دير القديس يوحنا الدرجى أو يوحنا السلمى، والذى يقع على طريق خليج السويس وسط ركام الجبال والتلال، حيث تعانى آثار الدير من الإهمال، بعدما كانت ملجأ للحجيج.
المهم أنه عند الدخول إلى معبد “خوخة” عبر مدخل تبلغ مساحته ستة أمتار، تصطدم بجدران متهدمة يغلب عليها اللون الأسود ليشهد على أن النيران كانت مشتعلة فيها ذات يوم، وليس ذلك فقط، بل تجد رائحة كريهة تعم المكان نتيجة القمامة المتراكمة وسط فناء المعبد، ولاسيما حول بقايا قدس الأقداس الذى أصبح عبارة عن كتلة صلبة من الحجر الأحمر الأجور يقع بين عمودين مائلين من الرخام.
يعرف المعبد باسم “خوخة اليهود” أو معبد الأستاذ أو معبد الحاخام حاييم الأمشاطى، كما أن تاريخه يجعله مرشحا ليكون جزءا من مجهودات وزارة الآثار المستقبلية ضمن خطط الترميم أو إدراج التراث المصرى اليهودى على قائمة الآثار، وذلك بعد أن بدأت الوزارة فى مشروع كبير فى سبتمبر الماضى لترميم معبد إلياهو هانبى وتسجيل معبد “منشه” فى الإسكندرية على قائمة الآثار، بيد أن معبد خوخة يجد عقبة أمام ترميمه أو الحفاظ عليه بسبب عدم إدراجه كأثر.
فقبل أسابيع من مغادرته من منصبه صرح سعيد حلمى، الرئيس السابق لقطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية فى المجلس الأعلى للآثار، بأنه سيتم تشكيل لجنة لتقييم تسجيل خوخة، قائلا: “لقد كنت هناك بالفعل ورأيت بقايا المعبد وجدرانه، لكن وزارة الآثار لديها خطط لإعادة إعماره”، لكن رئيس قسم الآثار اليهودية لدى القطاع الدكتور محمد مهران، استبعد هذا الأمر وقال إنه من الصعب تسجيل خوخة بسبب حالته السيئة وكونه أنقاضا، مستطردا: “الوزارة ليس لديها أموال كافية لترميم المعبد، كما تمنع أى تمويلات خارجية تأتى عن طريق الجالية، ولا بد أن يتم ذلك عن طريق وزارة الخارجية”.
وردًا على سؤال لماذا لم يتم تسجيل المعبد ضمن قائمة الآثار المصرية على الرغم من قدم تاريخه، قال محمد مهران: “إن وزارة الآثار بدأت فى تسجيل المعابد اليهودية منذ فترة الثمانينيات أى بعد أن تم التعدى على المعبد بالفعل، وتابع أن الوزارة لا تمتلك أى صور لحالة المعبد قبل حالته الحالية، لكنه أضاف فى حال قررت الوزارة إدراجه أثرا أو ترميمه سنتواصل مع الطائفة”
وكانت الطائفة اليهودية فى مصر قد طلبت من وزارة الآثار مرارا أن يتم تسجيل المعبد كأثر لحمايته من التعدى على أراضيه من سكان المحلة، وفى مارس 2015 حضرت ماجدة هارون، رئيس الطائفة اليهودية اجتماعا وزاريا بناء على طلب من رئيس الوزراء فى ذلك الوقت إبراهيم محلب، وتقدمت بشكوى من وزارة الآثار نتيجة إهمال المعبد وعدم ترميمه.
وقالت ماجدة هارون، فى تصريحات خاصة، إنها بالفعل طالبت بتسجيل المعبد إلا أنه تم الرفض من قبل المسئولين، قائلين: “لا يمكن تسجيل حوائط مهدمة”، مشيرة إلى أنها ليست على دراية كاملة بما ينص عليه قانون الآثار حيال تلك الحالات، وتابعت أنها على تواصل مع وزارة الخارجية والثقافة والآثار من أجل التعاون والتنسيق لحماية التراث المصرى اليهودى