أرسل مجمع البحوث الإسلامية ردودًا على الأسئلة التي تلقاها من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بشأن الحريات الدينية، والتي جاءت في 3 محاور، تضمن المحور الأول 3 أسئلة، كما تضمن المحور الثاني 3 أسئلة أيضًا، أما المحور الثالث فضم سؤالًا واحدًا.
وجاء الرد كالتالي:
المحور الأول: موضوع الأديان السماوية وعدم الاعتراف بغيرها
السؤال الأول: برأيك لماذا تقتصر الدولة المصرية حريات ممارسة الشعائر الدينية، والحق في الاعتراف الرسمي على المسلمين والمسيحيين واليهود، باعتبارهم منتمين للأديان السماوية وهل هذا توجه سياسي وأمني للدولة المصرية، أم أنه مرتبط بالمرجعية الإسلامية للدولة.
الإجابة: من المعلوم أن لكل دولة دستورها الذي يحدد لها سير العمل من خلال التصويت الحر، ودستور الدولة المصرية ينص على أن الإسلام الدين الرسمي للدولة، والمواطنون سواء مسلمون أو غير مسلمين سواء أمام الدستور، وتكفل الدولة لأتباع الأديان السماوية الحرية في ممارسة شعائرهم الدينية، حيث أنها نابعة من مشكاة واحدة، وتدعو إلى عبادة رب واحد، أما أصحاب الأفكار المنحرفة فلا يؤمنون بدين ولا وطن.
السؤال الثاني: بخصوص المرجعية الإسلامية، هل يمثل مفهوم الأديان السماوية مفهومًا تراثيًّا معروفًا في الفقه الإسلامي أم أنه مفهوم معاصر، ما الحكم الشرعي في تعامل الدولة مع القاطنين بديارها من غير أتباع الأديان السماوية؟
الإجابة: بالنسبة لمفهوم الأديان السماوية، وجد هذا المفهوم منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يرادف مفهوم أهل الكتاب، ويشمل اليهود والنصارى، ثم اتسع ليشمل المجوس واليهود والنصارى والمسلمين، وأطلق عليه أهل الأديان، ثم ظهر مصطلح الكتب السماوية، وتطور في العصر الحديث ليجمع بين تلك الإطلاقات، فظهر مصطلح الأديان السماوية ليشمل الأديان صاحبة الكتاب السماوية (الإسلام، المسيحية، اليهودية)، وهذه الأديان تمتلك قواسم مشتركة وأصولًا واحدة.
وفي تعامل الدولة مع القاطنين بديارها، من غير أتباع الأديان السماوية، فدين الإسلام تميز بالإنسانية والعالمية، ونجح في تحقيق التعايش السلمي بين المسلمين وأصحاب الكتب السماوية وغيرهم من أصحاب الملل الأخرى، وقد ثبت ذلك بالوقائع العملية منذ تاريخه الأول، حيث ضم إليه شعوبًا من جميع العقائد، فكان الإسلام في أي بلد يحل فيه يبقي من التقاليد والنظم ما لا يتعارض مع تقاليد الإسلام وروحه.
السؤال الثالث: لماذا تبنى مجمع البحوث الإسلامية رفض دعوى غير المؤمنين بالأديان السماوية بتخصيص مقابر لهم، ولماذا لم يقتصر رد المجمع على الرأي الشرعي وتطرق إلى مسائل سياسية وأمنية لا يعد منوطًا بها؟
الإجابة: لقد جاءت الشريعة الإسلامية لجلب مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم، والأحكام الشرعية لها أصول وطرق استنباط يراعيها الفقهاء عند إصدارها، ومسألة تخصيص مقابر لغير المؤمنين بالأديان السماوية، تعد من المستجدات الفقهية على البلاد المصرية. وعند إبداء الرأي الشرعي فيها، لا بد من دراسة جميع جوانبها، وهؤلاء المؤمنون بغير الأديان السماوية مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات، ويجب مراعاة مصلحتهم ولكن بما لا يتعارض مع المصلحة العامة للشعب والدولة، فسياسة الدولة وأمن الوطن ثوابت لا بد من استنباطاها عند استصدار الحكم الشرعي.
المحور الثاني: مرجعية الأزهر القضائية والرقابية
السؤال الأول: ما حدود تدخل الأزهر في القضايا المتعلقة بازدراء الأديان أو قضايا أخرى، وماذا لو أصدر القضاء أحكامًا بدون الرجوع للأزهر أو بما يخالف رأي الأزهر؟
الإجابة: لقد جاء في الدستور المصري، أن الأزهر الشريف هيئة علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ومن ثم فإن القضاء في غالب القضايا التي تخص الشريعة الإسلامية، يطلب رأي الأزهر فيها ليستند القاضي إليه في أحكامه.
السؤال الثاني: بخصوص الرقابة على الإصدارات المكتوبة والأعمال الفنية، وفقًا للحصاد الخامس للمجمع في 2021، ما حدود الرقابة التي يمارسها المجمع، وإلى أي مدى تتعارض هذه الرقابة مع الحريات الفكرية والأكاديمية المفترضة، وما ردود أفعال وزارة الثقافة ودور النشر تجاه قراراته الرقابية؟
الإجابة: مجمع البحوث الإسلامية، مؤسسة تؤدي رسالتها في إطار الرسالة الشاملة للأزهر الشريف، وهو بموجب القانون المصري، الهيئة العليا للبحوث الإسلامية، ومن مهامه تجريد الثقافة الإسلامية من آثار التعصب السياسي والمذهبي، ولقد أعطي القانون لمجمع البحوث الإسلامية حق إبداء الرأي الملزم، في مدى صلاحية المؤلفات أو المصنفات، التي تحتوي شأنًا إسلاميًّا للنشر والتداول، فالمجمع يبدي الرأي المعلوم لحماية الدين الحنيف بثوابته، والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، من العبث والتحريف والتزوير، ولا يوجد أي تعارض بين دور المجمع والحريات الفكرية والأكاديمية، فالمجمع يحترمها ويقدرها، كما يظهر للجميع مدى احترام وزارة الثقافة، ودور النشر لما يبديه المجمع من آراء، فيما ينشر ولا ينشر، تقديرًا لدوره الذي رسمه له القانون.
السؤال الثالث: ما نوع الكتب التي يرفضها المجمع ولماذا، وما المشكلة في أن يقرأ الناس كتبًا لمذهب أو منهج آخر طالما كانت لا تتضمن تحريضًا على عنف أو دعوة لجريمة؟
الإجابة: المجمع هو الجهة المختصة، بنص القانون لإبداء الرأي الملزم في صلاحية الكتب التي تحوي شأنًا إسلاميًّا، أو عدم صلاحيتها لكونها لا تتفق مع صلاحية الدين وثوابته، وتلك التي تحمل توجهًا إرهابيًّا أو تحض على الفتن، أما فيما عدا ذلك فالأزهر الشريف بجميع مؤسساته لا يصادر الفكر ولا يحجر على رأي.
المحور الثالث: حدود التوافق والخلاف بين المؤسسات الدينية الرسمية
السؤال: لماذا يبدو خطاب الأزهر للبعض مختلفًا عن خطاب الأوقاف ودار الإفتاء، وما حدود العلاقة أو التنسيق بينهم، ولماذا أعلن شيخ الأزهر الفتاوى الصادرة عن الجهات الأخرى بما فيها دار الإفتاء يجب أن تكون محسوبة على الأزهر، ولماذا دافع الأزهر عن تبعية دار الإفتاء له؟
الإجابة: إن العاملين بالمؤسسات الدينية من علماء الأزهر الشريف تخرجوا في جامعته، ولأننا نعيش في دولة مؤسسات فالتقسيم قائم للتنظيم، ومرجعهم جميعًا هو الأزهر الشريف وإمامه.
وأكد الأزهر الشريف على أن الفتاوى الفردية لا تعبر عنه، وذلك ضبطًا للفتوى، وفضيلة المفتي أحد علماء الأزهر الأجلاء، ولم نسمع عن أي خلاف بينه وبين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، فإن هيئة كبار العلماء لها المرجعية لكل فروع المؤسسة الدينية، وما تصدره هيئة كبار العلماء ملزم لكل من سواها.