26 ديسمبر 2020
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الأصوات التي تحرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وتنهى عن أكل طعامهم، ومواساتهم فى الشدائد، ومشاركتهم في أوقات الفرحة، ما هي إلا فكر متشدد لا يمت للإسلام بصلة، وهو فكر لم تعرفه مصر قبل سبعينيات القرن الماضي.[1]
وشدد الطيب، في تقرير نشر بجريدة “صوت الأزهر” الصادرة عن مؤسسة الازهر، على أن من يحرمون تهنئة المسيحيين بأعيادهم، غير مطلعين على فلسفة الإسلام في التعامل مع الآخر بشكل عام، ومع المسيحيين بشكل خاص، والتي بينها لنا الخالق، عز وجل، في قوله: “ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاری ذلك بأن بينهم قسيسين ورهبانًا وأنهم لا يستكبرون”، وبينها لنا أيضًا سبحانه وتعالى في قوله: “وجعلنا فى قلوب الذين اتبعوة رأفة ورحمة”، وإذا قرأنا كلام المفسرين والمحدثين في هذا الجانب، سنجد أنهم وصفوا المسيحيين بأنهم أهل رأفة ورحمة وشهامة، وأنهم لا يحملون ضغينة، وأن هذه الصفات مستمرة فيهم إلى يوم القيامة، وهذا الكلام موجود في أمهات الكتب التي يدرسها الأزهر لطلابه “.
وأضاف شيخ الأزهر: “منذ السبعينيات حدثت اختراقات للمجتمع المصري مست المسلمين والمسيحيين، وهيأت الأرض لأن تؤتى مصر من قبل الفتنة الطائفية، وتبع هذا أن التعليم الحقيقي انهار، والخطاب الإسلامي انهار أيضًا، وأصبح أسير مظهريات وشكليات وتوجهات، وكنا نرى عشرات القنوات الفضائية تبث خطابًا إسلاميًّا دون أن يتحدث القائمون عليها في قضية محترمة، أو أن يتطرقوا إلى مسألة ترسيخ أسس المواطنة، ونشر فلسفة الإسلام في التعامل مع الآخر، وبخاصة المسيحيون، والسبب في ذلك أن هؤلاء كانوا غير مؤهلين، وفاقدين لثقافة الإسلام في هذا الجانب، وغير مطلعين على هذه الأمور، وكانوا يسعون إلى نشر مذاهب يريدون من خلالها تحويل المسلمين إلى ما يمكن أن نسميه شكليات فارغة من جوهر الإسلام الحقيقي، وأصبح عندنا ما يمكن أن نطلق عليه “كهنوت إسلامى جديد”، بحيث إن أي مسلم لا يستطيع أن يقدم خطوة إلا إذا بحث عن هل هذه الخطوة حلال أم حرام؟ ” .
وعن موقف الأزهر الشريف من مسألة بناء الكنائس، حسمه فضيلة الإمام الأكبر، بأن “الأزهر ليس لديه أي غضاضة على الإطلاق في هذه المسألة، لأن الإسلام ليس ضد بناء الكنائس، ولا يوجد لا في القرآن ولا في السنة النبوية ما يحرم هذا الأمر، ولذلك لا يمكن أن يتدخل الأزهر لمنع بناء كنيسة، وأنا أرى أن دور العبادة لا تحتاج إلى قانون ينظم بناءها، فمن أراد أن يبني مسجدًا وكان لدى وزارة الأوقاف الإمكانات اللازمة لهذا البناء فليبنی، وكذلك من أراد أن يبني كنيسة وتوافرت الإمكانات فليبني “.
ويصف شيخ الأزهر ما
يحدث في بعض القرى والنجوع من مضايقات عند بناء أي كنيسة، هو ميراث وليد عادات
وتقاليد والناس تناقلته، وليس له أصل في الإسلام، قائلًا:
“أنا من الذين يرون أن
بناء مسجد أمام كنيسة، هو نوع من التضييق على المسيحيين، والإسلام نهانا عن المجيء
بمثل هذه المضايقات “ولا تضيقوا عليهم ولا
تضايقوهم”، لأن بناء مسجد أمام كنيسة يزعج المسيحيين،
وهو نوع من الإيذاء المنهي عنه “ومن آذى ذميًّا فقد
آذاني”، وكذلك أنا ضد بناء كنيسة أمام مسجد، لأن هذا
الأمر أيضًا يزعج المسلمين، وهو نوع من الإيذاء والتضييق، ولمن يأتون بهذه الأفعال
أقول: “أرض الله واسعة، فلتبنى المساجد بعيدة عن
الكنائس، ولتبنى الكنائس بعيدة عن المساجد، لماذا الإصرار على بناء المسجد أمام
الكنيسة؟ ولماذا الإصرار على بناء الكنيسة أمام المسجد؟ هذا عبث بالعبادة، وعبث
بدور العبادة، وتصرف لا يرضاه الإسلام، لأنه ليس مطلوبًا مني كمسلم أن أغلق
الكنيسة، وأطفئ أنوارها، وأمنع الصلاة فيها، بل المطلوب منى أنه لو تعرضت الكنيسة
لاعتداء يجب على كمسلم أن أدافع عنها”.
[1] لؤى على، شيخ الأزهر: تحريم تهنئة المسيحيين فكر متشدد لا يمت للإسلام بصلة، اليوم السابع، 26 ديسمبر 2020