24 مارس 2017
حاول مئات من أهالي قرية المهيدات والقرى المجاورة بمركز الطود بمحافظة الأقصر، عقب صلاة الجمعة، اقتحام منازل بعض مسيحيي القرية للمطالبة بتسلميهم فتاة مسيحية في الصف الثالث الثانوي بحجة أنها تحولت إلى الإسلام سرًّا، وأن أسرتها قامت بإخفائها. وتصدت لهم قوات الشرطة مما قاد لمواجهات عنيفة انتهت بإصابة خمسة من الجنود إصابات بالغة نتيجة إلقاء الحجارة عليهم، وتكسير بعض سيارات الشرطة وعربة إسعاف. وقد نفت أسرة الفتاة قيام نجلتها بتغيير دياناتها، وقالت إنها تركت منزلها بمعرفة الأهل قبل عدة أيام من الأحداث خوفًا على حياتها بعد ترهيب من شخص مسلم قام بمطاردتها عبر التليفون وتهديدها باﻹيذاء إن قامت بإخبار أسرتها.
وفقًا لتقرير تقصي حقائق صادر عن مركز “وطن بلا حدود” بالأقصر فإن الطالبة مقيدة ” بمدرسة عبد المنعم العديسي مواليد يناير 1999 من قرية المهيدات العديسات التي تتبع محافظة الأقصر، وأنها طالبة مجتهدة ومتفوقة، وقد اشتركت هي وزميلاتها في مسابقات أوائل الطلبة، وحصلت مدرستها على المركز الأول في النصف الأول من العام الدراسي وقامت الإدارة التعليمية ومدير المدرسة بتكريمها بجوائز التفوق. ولأن مدير المدرسة أصدر أمر منذ سنوات بضرورة تغطية أي بنت في المدرسة لشعرها حتى لو كانت مسيحية فقد التزمت المسيحيات بتغطية شعرهن بمناديل بيضاء، وأي بنت تخالف ذلك تمنع من دخول المدرسة حتى تلتزم بتغطية شعرها. وأثناء استعداد البنت لاستلام جائزة التفوق حدث أن مدرسها طالبها بأنه لا يصح أن تبقى رقبتها مكشوفة أثناء التصوير، وقال لها ستبقى صورك مختلفة عن زميلاتك وهو وضع غير ملائم، فقامت الطالبة المسيحية بتغطية رقبتها بالإضافة لشعرها طبقًا لأمر مدير المدرسة، واستلمت الجائزة وصورت كأنها بنت محجبة وهي الصورة التي استعملت بعد ذلك في محاول إثبات أنها غيرت دينها”.
أضاف التقرير أن أحد الشباب المسلم “اتصل بالطالبة وطاردها قائلًا إنه يحبها وحذرها من إخبار والدها، ثم قال لها إنها ستبقى زوجته، فقامت بإخبار أحد رجال الدين المسيحي الذي نصح الأسرة بأن تبتعد الفتاة عن القرية منعًا للمشاكل”.
وأضاف التقرير أنه “في يوم 23 مارس، ادعى هذا الشخص أن الفتاة أسلمت وأن أهلها أخفوها أو قتلوها، وحرض الشباب في القرية على التظاهر ومهاجمة المسيحيين “غيرة على الدين ولإنقاذ البنت إن كانت حية وإرجاعها”. وفي مساء هذا اليوم _الخميس_ بدأ حصار منزل الطالبة، وطالب والد الشاب بالفتاة وإدعى إنها زوجة ابنه وأنه يريد استرجاعها.
” حضر الأمن مساء الخميس إلى القرية ومنع دخول أي مسيحي، ولكنه أيضًا لم يمنع من الناحية الأخرى أي من يدعو للحشد، وهو ما جعل المئات يحتشدون من القرى الأخرى وخرجت دعوات على الفيس بوك تحوي تحريض عنيف تجاه مسيحيي القرية”.
وفى اليوم التالي بعد انتهاء صلاة الجمعة حدث مواجهات عنيفة بين الأمن ومن يريدون اقتحام المنزل لإحضار الفتاة عنوة، وانتهت المواجهات بإصابة خمسة من الجنود إصابات كبيرة نتيجة إلقاء الحجارة عليهم وتكسير بعض سيارات الشرطة وعربة إسعاف.
ومساء الجمعة تدخل أعضاء مجلس الشعب وشاركوا في إنهاء المواجهات وتم التنبيه على المحرض بعدم تكرار ذلك وإلا سيكون مسئولًا أمامهم وأمام القانون.
من جانبها، ألقت أجهزة الأمن القبض على أحد عشر شخصًا، وقررت نيابة الأقصر إخلاء سبيل متهمين اثنين وحبس 9 متهمين أربعة أيام ثم جُددت 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 893 لسنه 2017 إداري مركز الأقصر بتهمة التجمهر وتدمير ممتلكات و سيارات الشرطة ومقاومة سلطات وإصابة 8 أفراد من الشرطة، قبل أن يخلى سبيلهم فيما بعد. كما طلبت ضبط وإحضار المتهم الرئيسي مفجر الأحداث ضد أقباط القرية.
عقدت جلسة صلح موسعة بين أقباط ومسلمي المهيدات، بحضور وفد من رجال الدين الإسلامي والمسيحي ببيت العائلة المصرية، والدكتور حمادة العماري رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، والنواب الطيري عبده حسن ومحمد يس، والشيخ أحمد محمد الطيب نجل شقيق شيخ الأزهر، وبإشراف عبد الباسط دنقل مساعد وزير الداخلية لمنطقة جنوب الصعيد، وعصام الحملي مدير أمن الأقصر، حيث اجتمع طرفا الأزمة وتوصلا إلى اتفاق ومصالحة.
تضمنت بنود المصالحة،” تشكيل لجنة من مسلمي القرية، لحماية منازل وممتلكات الأقباط، والمطالبة بالإفراج عن المحتجزين على ذمة التحقيق في الاشتباكات التي وقعت بين الشرطة ومتظاهرين مسلمين بالقرية، وإعلان لجنة حكماء تتولى التصدي لمثيري الفتن، ومحاسبة كل من يعمل على إثارة الفتن وبث الفرقة بين مسلمي وأقباط القرية”.
وكانت مطرانية الأقباط الأرثوذكس بالأقصر، برئاسة الأنبا يوساب، أسقف الأقصر، قد تقدمت ببيان شكر للمحافظ الدكتور محمد بدر، واللواء عصام الحملي مدير الأمن، لجهودهم في احتواء أزمة المهيدات.