أعلن مرصد الأزهر التابع لمؤسسة الأزهر عن وجود أكثر من 16 ألف تفاعل غير مرحب لتهنئة شيخ الأزهر للمسيحيين مما يدل على فهم خاطئ لنصوص الدين. وأضاف المرصد أن ردود الأفعال المتباينة حول التهنئة أظهرت خطورة الترويج لمفاهيم مغلوطة تحت ستار الدين والاستدلال بتفسيرات متشددة لنصوص الشريعة وجهل الناس بمسائل الشريعة مدخل المتطرفين للتكفير والتضليل. وأن الالتزام التام بما تصدره المؤسسات الرسمية من فتاوى شرعية وآراء فقهية وحسن الظن بعلماء الأمة السبيل لمواجهة الأفكار المغلوطة والمتطرفة.
وقال مرصد الأزهر: يتجدد الجدال والخلاف حول تهنئة الإخوة المسيحيين بمناسبة أعياد الميلاد مع قرب نهاية كل عام، وهو الجدال الذي حسمه الأزهر الشريف منذ أمد بعيد، ومؤخرًا تجلى هذا الحسم في تهنئة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، التي وجهها للبابا فرنسيس، والبابا تواضروس، ورئيس أساقفة كانتربري د. جاستن ويلبي، وبطريرك القسطنطينية برثلماوس الأول، وقادة الكنائس، والإخوة المسيحيين في الشرق والغرب، تلك التهنئة التي حملت في طياتها دعوة صريحة لإعلاء صوت الأخوَّة والسلام من أجل أن يسود الأمان والاستقرار في كل مكان.
وقد لوحظ من الصدى الذي أحدثته تهنئة شيخ الأزهر الشريف المنشورة عبر صفحة فضيلته على موقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” تباين ردود الأفعال حولها، ففي مقابل 30 ألف تفاعل بالإيجاب على التهنئة جاء أكثر من 16 ألف تفاعل غير مرحب ورافض لفكرة تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد انطلاقًا من الجهل بتعاليم الدين والمفاهيم المغلوطة التي روج لها البعض حول تعارض ذلك مع العقيدة الإسلامية، في إذكاء واضح لمبررات العنف والكراهية ضد الآخر المخالف في الدين، وهو تفاعل يدل على فهم خاطئ لنصوص الدين ويقود إلى تهديد السلم العام وازدراء الأديان، مما يترتب عليه عقوبة قانونية ومخالفة دينية.
وقد تجاوز هؤلاء الأمر إلى حد الاستدلال بتفسيرات متشددة لنصوص الشريعة أو فتاوى قديمة كان لها سياقها ومناسباتها التاريخية، وبرز هذا التجاوز في حق كل من يفتي أو يتبنى القول بجواز تهنئة الإخوة المسيحيين بأعيادهم، وهو ما لاحظناه جليًّا في التعليقات المصاحبة لتهنئة فضيلة الإمام الأكبر للإخوة المسيحيين في الشرق والغرب.
وأضاف مرصد الأزهر: هذه الإحصائية تظهر الجانب السلبي من الأفكار المغلوطة والمتطرفة التي تستغل الجهل بمسائل الشريعة لتكفير وتضليل الناس بتهم واهية ليس لها وجود إلا في أذهان مروجيها وتلقى صدى لدى ضعاف النفوس، ما يقودنا إلى تكرار الدعوة لضرورة الالتزام التام بما تصدره المؤسسات الرسمية من فتاوى شرعية وآراء فقهية متعلقة بهذا الشأن، مع إعمال حسن الظن بعلماء الأمة ورموزها.
وأكد المرصد أن التهنئة هى أحد أوجه “البرّ” التي حثنا عليها الإسلام تجاه الناس عامة، فعندما أوصانا الرسول وهو خير قدوة لنا بالجار لم يحدد ديانته بل جاء الحث ليشمل الجميع، فمن شأن هذه المعاملات الإنسانية الحسنة أن تكسر الصورة النمطية السلبية التي ترسخت في أذهان البعض جراء المحتويات المقدمة بوسائل الإعلام أو عبر شخصيات متشددة تكيف نصوص الدين -ولا نخص هنا الدين الإسلامي فقط بل أصبح شائعًا في كافة الأديان- وفق رؤيتها المخالفة لما جاء في تلك النصوص.