مقتل الأنبا أبيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار

2018-07-29 . تطورات سياسية . مؤسسات مسيحية

29 يوليو 2018

في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد 29 يوليو، تم العثور على جثمان الأنبا أبيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار بمنطقة وادي النطرون بمحافظة البحيرة، مهشم الرأس في الممر ما بين قلايته (مكان سكنه) وكنيسة الدير، وأعلنت الكنيسة الأرثوذوكسية في بيان على صفحة المتحدث الرسمي باسم الكنيسة، وفاة الأنبا أبيفانيوس رئيس دير الأنبا مقار في وادي النطرون، وبعد 6 ساعات نشرت الكنيسة بيانًا مقتضبًا آخر أعلنت فيه وجود شبهة جنائية في وفاة الأنبا أبيفانيوس.

“توجهت النيابة العامة بوادي النطرون للدير، وأغلقت الدير للتحقيق مع الرهبان والعاملين في الدير، وتم نقل جثمان الأنبا أبيفانيوس بسيارة إسعاف من دير أبو مقار إلى مستشفى وادي النطرون، لإجراء عملية التشريح اللازمة لكشف ملابسات مقتله، وتم العدول عن تشريح الجثمان بمستشفى وادي النطرون بعد الإعلان عن ذلك، ونقل الجثمان إلى مستشفى دمنهور العام بمحافظة البحيرة لتوافر الإمكانات وسرعة إنهاء الإجراءات.

وفي31 يوليو 2018، أجريت مراسم الصلوات الدينية بمشاركة أعضاء المجمع المقدس والرهبان والكهنة وأعضاء المجلس الملي وأسرة الأنبا أبيفانيوس، وترأس البابا تواضروس صلاة الجنازة، حيث نقل الجثمان من مشرحة المستشفى العام بمدينة دمنهور إلى مقر دير أبو مقار، باستخدام سيارة إسعاف وتحت حراسة مشددة.

لم يكن البابا قد أدلى بتصريحات بخصوص مقتل رئيس الدير، إلا أنه خلال عظته في صلاة الجنازة، بدا عليه الغضب ووجه عدة رسائل ومطالب لرهبان الدير أبرزها1:

– عدم السماح ﻷي راهب بالحديث أو الظهور الإعلامي.

– تذكيرهم بأنهم ينتمون للقديس الأنبا مقار الكبير، وليس ﻷي تيار أو شخص آخر، وقال لهم “اخرجوا من بينكم أي انحراف بعيدًا عن الرهبنة”.

– عدم الانسياق وراء الشائعات خاصة لعدم وجود اتهامات واضحة وأن الكنيسة ننتظر نتائج التحقيقات.

وفي الأول منأغسطس 2018، أعلنت لجنة الرهبنة وشئون الأديرة عقب اجتماعها مع البابا تواضروس الثاني عدة قرارات لإعادة الانضباط للحياة الرهبانية كما جاء في بيان الكنيسة، وجاءت القرارات كالتالي2:

1- وقف رهبنة أو قبول رهبان جدد في جميع الأديرة القبطية الأرثوذكسية داخل مصر لمدة عام يبدأ من أغسطس 2018 م.
2- الأماكن التي لم توافق البطريركية على إنشائها كأديرة سيتم تجريد من قام بهذا العمل من الرهبنة والكهنوت والإعلان عن ذلك، مع عدم السماح بأي أديرة جديدة إلا التي تقوم على إعادة إحياء أديرة قديمة، ويتم ذلك من خلال رعاية دير معترف به.
3- تحديد عدد الرهبان في كل دير بحسب ظروفه وإمكانياته وعدم تجاوز هذا العدد لضبط الحياة الرهبانية وتجويد العمل الرهباني.
4- إيقاف سيامة الرهبان في الدرجات الكهنوتية “القسيسية والقمصية” لمدة ثلاث سنوات.
5- الالتزام بعدم حضور علمانيين على الإطلاق في الرسامات الرهبانية لحفظ الوقار والأصول الرهبانية الأصيلة.
6- تستقبل الأديرة الزيارات والرحلات طوال العام باستثناء فترة صوم الميلاد والصوم الكبير فتكون أيام “الجمعة والسبت والأحد” فقط من كل أسبوع والتحذير من زيارة الأماكن غير المعترف بها وهي مسؤولية الإيبارشيات والكنائس.
7- الاهتمام والتدقيق بحياة الراهب والتزامه الرهباني داخل الدير واهتمامه بأبديته التي خرج من أجلها ودون الحياد عنها.
8- كل راهب يأتي بالأفعال التالية يعرض نفسه للمساءلة والتجريد من الرهبنة والكهنوت وإعلان ذلك رسميًّا:
أ‌-الظهور الإعلامي بأي صورة ولأي سبب وبأي وسيلة.
ب‌-التورط في أي تعاملات مالية أو مشروعات لم يكلفه بها ديره.
ج- التواجد خارج الدير بدون مبرر والخروج والزيارات بدون إذن مسبق من رئيس الدير.

9- لا يجوز حضور الأكاليل والجنازات للرهبان إلا بتكليف وإذن رئيس الدير بحد أقصى راهبين.
10- إعطاء الرهبان فرصة لمدة شهر لغلق أي صفحات أو حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي والتخلي الطوعي عن هذه السلوكيات والتصرفات التي لا تليق بالحياة الرهبانية وقبل اتخاذ الإجراءات الكنسية معهم.
11- مناشدة جموع الأقباط بعدم الدخول في أي معاملات مادية أو مشروعات مع الرهبان أو الراهبات وعدم تقديم أي تبرعات عينية أو مادية إلا من خلال رئاسة الدير أو من ينوب عنهم.
12- تفعيل دليل الرهبنة وإدارة الحياة الديرية الذي صدر من المجمع المقدس في يونيو 2013 وهي مسؤولية رئيس الدير ومساعديه.

وأعلن البابا تواضروس إغلاق صفحته الشخصية على فيسبوك، وقال في تدوينة أخيرة: “الوقت أثمن عطية يعطيها الله لنا يوميًّا ويجب أن نحسن استخدامها والمسيحي يجب أن يقدس وقته والراهب يترك كل شيء لتصير الحياة كلها مقدسة للرب”.

وأضاف أن “ضياع الوقت في الاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعي صار مضيعة للعمر والحياة والنقاوة، ولأن الطاعة من نذوري الرهبانية التي يجب أن أصونها وأحفظها لذا أتوقف عن الصفحة الخاصة بي وأغلقها، وأحيي كل إخوتي وأبنائي الذين نهجوا طاعة لقرارات كنيستي المقدسة”.

وفي5 أغسطس 2018 ، قامت الصفحة الرسمية للمتحدث باسم الكنيسة الأرثوذوكسية بنشر بيان تُعلن فيه تجريد الراهب أشعياء المقاري، وقالت فيه3: “بخصوص الراهب إشعياء المقاري الذي تم تجريده اليوم ننوه إلى أن قرار التجريد تم لأسباب رهبانية بحتة، ولا علاقة للقرار بالتحقيقات التي تجري الآن، والخاصة بموضوع استشهاد نيافة الأنبا إبيفانيوس، ونود أن نوضح أن الراهب المجرد قد سبق وأن تم التحقيق معه من قبل لجنة شئون الرهبنة والأديرة بداية العام الحالي ٢٠١٨، وصدر قرارًا بإبعاده عن الدير لمدة ٣ سنوات، وأشارت لجنة التحقيق وقتها إلى عدم التزام الراهب بقانونين من قوانين الرهبنة هما الطاعة والتجرد ويرفض أن يتولى أي مسؤولية رغم صغر سنه”.

وفي 6أغسطس 2018 ، أصدرت نيابة وادي النطرون بيانًا4 جاء فيه إن الراهب فلتاؤس المقاري أحد رهبان الدير حاول الانتحار بقطع شرايينه وبعد إنقاذ الرهبان له، حاول الانتحار مرة أخرى بإلقاء نفسه من نافذة العيادة الطبية بالدير.

كما تم تسريب أخبار بخصوص محاولة وائل سعد تواضروس (الراهب أشعياء المقاري سابقًا) الانتحار بتناول مبيد حشري. وفي 8 أغسطس، أعلنت مصادر طبية بمستشفى الأنجلو أمريكان إجراء الراهب فلتاؤس المقاري عمليات بالعمود الفقاري والحوض، وتحسن صحته تدريجيًّا الذي قد يسمح بالتحقيق معه خلال أيام.

وفي 9 أغسطس 2018، أعلنت النيابة العامة التحقيق مع 145 راهبًا وأسقفًا بدير الأنبا أبو مقار بوادي النطرون، وأن وائل سعد تواضروس (الراهب أشعياء سابقًا) اعترف بقتل الأنبا أبيفانيوس، واصطحبته النيابة للدير لتمثيل مشهد الجريمة مرة أخرى، وأرشد عن أداة الجريمة، وهو عبارة عن قطعة حديدية، تم العثور عليها بمخزن للخردة بالدير.

ووفقًا لبيان النيابة تبين محاولة وائل سعد تواضروس الانتحار بتناول مبيد حشري عقب إعلان تجريده من الرهبنة، وقبل عرضه على الطب الشرعي، إلا أنه استخدم أيضًا سكينًا وأحدث إصابة بجرح بالعنق من الخلف، الأمر الذي قررت بشأنه النيابة إحالته للطب الشرعي لبيان ما به من إصابات، حيث تبين وجود جروح قطعية وسحجات باليد اليسرى لبيان سببها.

كما جرى التحفظ على الكاميرات بالدير، وجار فحصها بمعرفة لجنة فنية متخصصة لتفريغ محتوياتها ومعرفة أسباب تعطل بعض الكاميرات داخل الدير، كما استمعت النيابة ﻷقوال الراهب فلتاؤس المقاري في مستشفى الأنجلو أمريكان حيث يرقد بعد محاولة الانتحار.

وفي 11 أغسطس، قررت النيابة حبس وائل سعد تواضروس، 4 أيام على ذمة التحقيق واتهامه بقتل الأنبا أبيفانيوس. وفي اليوم التالي، أمرت النيابة بحبس الراهب فلتاؤس، ونقله من مستشفى الأنجلو أمريكان إلى مستشفى قصر العيني وإبقائه تحت حراسة مشددة.

وأوضحت النيابة أن المتهم أقر بمحاولات سابقة لقتل الأنبا أبيفانيوس، حيث حاول مرتين وفشل في المحاولة الأولى، حيث وجد رئيس الدير يصلي، والمحاولة الثانية نام واستيقظ متأخرًا فلم يتمكن من تنفيذ جريمته لأن رئيس الدير كان قد وصل إلى الكنيسة.
وأوضح المتهم أنه في المحاولة الأخيرة كان حريصًا على الاستيقاظ مبكرًا لتنفيذ جريمته في الفترة الزمنية من الساعة الثالثة قبل الفجر وكذا خلال المسافة التي يسير منها رئيس الدير للكنيسة.
وكانت محكمة وادي النطرون قد أمرت بتجديد حبس الراهب المشلوح إشعياء المقاري، 15 يومًا على ذمة التحقيقات.كما واصلت النيابة استكمال التحقيقات وسماع الشهود بعد تفريغ الكاميرات واستدعاء السائق الذي يعمل معه للاستماع لشهادته.

وفي 18 أغسطس 2018، أحال المستشار نبيل صادق النائب العام أوراق القضية التي قيدت برقم 3067 لسنة 2018 جنايات وادي النطرون إلى محكمة الجنايات بالإسكندرية لتحديد جلسة عاجلة لمحاكمة كل من وائل سعد تاوضروس الراهب السابق باسم أشعياء المقاري والراهب فلتاؤس المقاري وبالميلاد ريمون رسمي بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد للأنبا أبيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار بوادي النطرون، وذلك عقب انتهاء نيابة الإسكندرية من تحقيقاتها التي كشفت قيام المتهمين بقتل الضحية على أثر خلافاتهما معه.

1مراسم الصلوات الدينية على جثمان الأنبا أبيفانيوس.