13 مايو 2019
شهدت كنيسة مار مرقس بشارع السد العالي في أرض أبو سعدة بالوحدة العربية بحي شرق شبرا الخيمة محافظة القليوبية، إطلاق عدة أعيرة نارية نتج عنه مقتل القس مقار سعد، كاهن بالكنيسة، وعلى الفور انتقلت قوة المباحث للكنيسة لبدء التحريات والتحقيقات بمعرفة الشرطة والنيابة العامة.
أصدرت مديرية أمن القليوبية بيانًا، جاء فيه أنه قد تبلغ لقسم شرطة ثان شبرا الخيمة، من الخدمات الأمنية المعينة لتأمين كنيسة مار مرقس بمنطقة الوحدة العربية دائرة القسم، بوجود إطلاق أعيرة نارية، ومتوفى داخل الكنيسة، وبالفحص تبين قيام خادم الكنيسة المدعو “كمال ش ش” 54 سنة، ومقيم بمنطقة أم بيومي دائرة قسم أول شبرا الخيمة، بإطلاق عدة أعيرة نارية صوب القس “مقار” 65 سنة راعى الكنيسة، من سلاح ناري طبنجة كانت بحوزته، محدثًا إصابته بطلق ناري بالرأس، وتوفي على إثرها في الحال. وذلك بسبب وجود خلافات بينهما، لسابقة قيام المجني عليه بالاتفاق مع المتهم بمساعدته في زواج نجلاته على إعطائه مبالغ مالية، ولم يفِ بذلك ومنذ يومين، قام بإعطائه مبلغًا ماليًّا قدره ألف جنيه فقط.
وعاود المتهم طلب مبلغ مالي آخر من المجني عليه، إلا أنه رفض فحدثت بينهما مشادة كلامية، قام على إثرها بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبه، محدثًا إصابته التي أودت بحياته وفر هاربًا. وقام المتهم، بتسليم نفسه بديوان القسم، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة نتيجة لعدم وفاء المجني عليه بوعده بمساعدته ماليًّا، فعقد العزم وبيت النية على التخلص منه. وفى سبيل ذلك، قام بشراء السلاح المستخدم في الواقعة من شخص (غير محدد)، وقام بإخفائه داخل الكنيسة بمخزن الأمتعة بالطابق الخامس، وقام بإحضاره والتعدي به على المجني عليه.
ووفقًا لإفادات متنوعة من شهود العيان فإن كمال شوقي يبلغ من العمر 45 عامًا، وعامل بالكنيسة قام بإطلاق النار تجاه القس مقار، من طبنجة عيار 9 ملم.[1]
وأفاد القس إرميا عدلي وكيل مطرانية شبرا الخيمة أن فراش كنيسة مار مرقس الرسول بالمنشية الجديدة بشبرا الخيمة أطلق النار على الأب مقار سعد كاهن الكنسية، وقد سلّم نفسه طواعية إلى قسم ثان شبر الخيمة.
وأضاف عدلي في تصريحات صحفية: “النيابة فرّغت كاميرات الكنيسة، وفيها أبونا كان قاعد في مكتبه بيشرب حاجة، والفراش راح لغاية عنده وضربه بالنار”، مؤكدَا أن “سبب ارتكابه هذا الفعل غير معروف إلى الآن”.
وأكمل وكيل مطرانية شبرا الخيمة: “في سيدة تحركت على مكتب أبونا وجريت على الفراش وشدت إيديه بعد ما ضرب أبونا بالنار”، لافتًا إلى أن الأب مقار سعد لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصول الإسعاف”.
ومن خارج البلاد كلف البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، الأنبا مرقس، مطران إيبارشية شبرا الخيمة _والذي كان متواجدًا في ذلك الوقت بالولايات المتحدة الأمريكية_ بإجراء تحقيق داخلي في حادث مقتل القس مقار سعد. وأضاف البابا تواضروس في مقابلة تلفزيونية أثناء رحلته الرعوية بألمانيا: “الحادث جنائي، لكن ما يعطيه أبعادًا أنه يخص كاهنًا داخل كنيسة وداخل مكتب في الكنيسة، لكنه حادث جنائي وجريمة تمت، ولا نريد أن نوسع الأمر وكل أحد يعطي تفاصيل من عنده لا تمثل شيئًا محددًا”.
وأكمل: “نحن طبعًا متألمون وحزانى أن يقع حادث بهذا الشكل لم نكن نحب أن تكون النهاية بهذه الصورة”.. وبشأن أسرة القاتل، أكد البابا: “هؤلاء أولادنا، والجميع أولادنا، ولازم الرعاية نقدمها، لكن لا أحب المزايدة عندما يقول أحد إن هذه ظاهرة، هى جريمة، وكلنا مواطنون في مجتمع، وأي مجتمع قابل لأن يحدث فيه نقاط الشواذ هذه”.
وفى أول ظهور للأنبا مرقس مطران شبرا، مترئسًا صلاة القداس الإلهي صباح الأحد _الأسبوع التالي للحادث_ بالكنيسة التي شهدت واقعة مقتل القس مقار سعد، قال: إن المسيح يجول يصنع خيرًا والكاهن أيضًا كان يجول بكل حب وحياته كلها خدمة لكل أحد تحت أي ظروف وهكذا يسدد كل احتياجات لكل شخص. وتابع؛ أن عمل الكاهن عمل صعب ومرهق ولا يعرف الكاهن الراحة لأجل كل شعب. ولم أسمع عنه شكوى خلال 24سنة في خدمته من الكهنة أو الشعب.. وتابع، “أنا أعرف أبونا مقار من سنين عديدة وأنا جلست بنفسي وسألت عنه وكان كل الشعب يحبه، وكان كاهنًا نشيطًا وخادمًا بذل فى كل خدمته وكان مدبرًا في كل أمور الكنيسة وناجحًا في خدمة مدارس الأحد”.
في 15 مايو 2019، أمر قاضي المعارضات بمحكمة شبرا الخيمة الجزئية، بتجديد حبس المتهم، خادم كنيسة مار مرقس بشبرا 15 يوما على ذمة التحقيقات. واعترف المتهم أمام رئيس نيابة قسم ثان شبرا الخيمة، بارتكابه للواقعة، ووجهت له النيابة العامة تهمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وحيازة سلاح ناري غير مرخص، وطلقات نارية، وأمرت بحبسه.
وفي 25 مايو، أحال المستشار خالد الأتربي المحامي العام الأول لنيابات نيابة جنوب بنها الكلية المتهم إلى محكمة الجنايات بطنطا مأمورية استئناف شبرا الخيمة، بتهمة قتل الكاهن مقار سعد بعد إطلاق الرصاص عليه، وذلك بعد ١٠ أيام من وقوع الجريمة.
ووفقًا لتقرير الطب الشرعي فإن المجنى عليه أصيب بـ٧ طلقات في الرأس والوجه والصدر كما ورد فحص سلاح الجريمة من الأدلة الجنائية، وكشف عن تطابق أعيرته مع التي أصابت جسد المجني عليه.[2]
ووفقًا لتحقيقات النيابة فإن المتهم كمال شوقي قال إنه بدأ العمل خادمًا في الكنيسة منذ قرابة 4 سنوات وحينها فوجئ بأن المرتب 800 جنيه، فتحدث مع الكاهن خاصة أنه لديه 9 بنات، ولن يتمكن من الإنفاق عليهن بذلك المبلغ، فطمأنه الكاهن وأخبره أنه لن يعتمد على المرتب فقط، والكنيسة هتصرف له مواد عينية من لحوم ودواجن ومستلزمات المنزل، كما أنهم سيقومون بمساعدته في زواج بناته التسع. وأضاف المتهم أنه بعد 4 أشهر من عمله بالكنيسة وفى منتصف عام 2015 اختفت إحدى بناته فاعتقد أنها تم خطفها فطلب من نجل شقيقه شراء سلاح ناري له وأعطاه مبلغ 10 آلاف جنيه اشترى له بها طبنجة 9 مم وأخفاها في الطابق الخامس بالكنيسة المخصص للأمتعة ليستخدمه في قتل خاطف ابنته.
وأضاف المتهم قائلًا: “أبونا مقار وعدني هيديني فلوس عشان أجوز بنتي وكان بيخلف معايا غير أنه كان دايمًا شديد معايا وبيسيء معاملتي ويقولي الحريم اللى هنا بتشتغل أحسن منك وأنا يا بيه صعيدي وكرامتي أغلى من أي حاجة”.[3]
وعن اللحظات التي سبقت الجريمة قال المتهم إنه كان يحتاج مبلغ 25 ألف جنيه لإنهاء متطلبات زواج ابنته ووعده الكاهن بإعطائها له وتقدم بطلب سلفة 2000 جنيه، تمت الموافقة على إعطائه 500 جنيه فقط وصرف له الكاهن مبلغ 1000 جنيه من صندوق الجمعية الخيرية بالكنيسة، وبعد تجميع مبالغ من الكاتدرائية أصبح إجمالي المبلغ معه 11 ألف جنيه فذهب للتحدث مع الكاهن ليخبره أن المبلغ لن يكفيه ويطلب تكملتها لـ 25 ألف جنيه إلا أن الكاهن رفض إعطاءه مبالغ أخرى ليردد المتهم: “كان ناشف معايا أوي في الفلوس فقررت أقتله”.
كشفت التحقيقات أن المتهم
بيَّت النية لقتل الكاهن حيث اعترف المتهم قائلًا:
“آخر مرة حصل بينا مشادة وقالي مفيش فلوس تاني قررت أقتله طلعت الدور
الخامس الساعة 9 صباحًا وأحضرت الطبنجة اللي خبيتها هناك من 3 سنين حطيتها في جنبي ونزلت عشان أنفذ الجريمة”
واستكمل
أنه انتظر انتهاء الكاهن من القداس وانصراف المصلين حتى لا يكون هناك عدد كبير من
رواد الكنيسة ونظرًا لأنه يعلم طقوس الكاهن وتحركاته تبعه إلى حيث اعتاد الجلوس
عقب القداس في “الكانتين”
لشرب
الشاي ولقاء بعض العاملين ورواد الكنيسة
فانتظر جلوسه على الكرسى ودخل إلى الحمام، شرب كوبًا من المياه وعاد إلى مكان
الكاهن أخرج سلاحه من بين طيات ملابسه وباغته بإطلاق وابل من الأعيرة النارية صوبه
بطريقة عشوائية فأنهى خزينة الطبنجة كاملة عليه وأصابته طلقة منها في الرأس.
[1] حصل باحثو المبادرة المصرية على إفادات متنوعة من مسؤولي الكنيسة بالإضافة إلى شهود العيان.
[2] لدى المبادرة المصرية نسخة من تقرير الطب الشرعي الخاص بالضحية.