16 يناير 2018
أجمع ممثلو الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، على أن الإلحاد ليس ظاهرة في المجتمع المصري، وذلك خلال اجتماع لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، برئاسة الدكتور أسامة العبد، لمناقشة طلب الإحاطة المقدم من النائب الدكتور عمر حمروش، بشأن انتشار ظاهرة الإلحاد بين بعض الشباب في مصر.1
قال الدكتور أسامة العبد رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، إن الإلحاد ليس منتشرًا في مصر، وليس ظاهرة ولا يرقى إلى أن يكون مشكلة في المجتمع المصري، بل أمر عارض.
وتابع “العبد”: مصر كنانة الله في أرضه، مصر بلد الأزهر الشريف قبلة العلم والعلماء على مستوى العالم، من يريد الاهتداء من غير المسلمين يأتي إلى مصر، لن يخرج منها مثل هذه العبارة “ظاهرة الإلحاد” بطريقة تقلق النفوس، أرفض وصف بعض أهل مصر بذلك، ولكن شباب يتعرض لسحابة عابرة إن لم نشد عليه أو نتحدث فيه سيختفي، شاب عنده مشكلة نفسية يتعلق بقنوات فضائية أو مواقع تورطه في أفكار غريبة.
وتابع: “الأسر المصرية لا بد أن تبدأ مع نفسها وأولادها حالة حوار لتنقية ذهنهم من أية أفكار متطرفة، ليطالب وزير الأوقاف حول الخطب في المساجد التي باتت تتعلق بالمسائل المعيشية والأحوال الخاصة بالمواطنين، وهو ما طغى على الجانب الدعوي، وأنه قديمًا كان الشيوخ يقومون بتعريفنا أصول الدين وكيفية الوضوء والصلاة، وهو ما غاب عن مساجدنا في هذا اليوم، ليس لإهمال وزارة الأوقاف ولكن لأن الظروف الآنية التي نعيشها الآن شغلتنا عن مهمة سامية”.
من جانبه، قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، إن هناك خطة للتحصين من الإلحاد والانحراف لمواجهته ومعالجته ومنع انتشاره.
وقال وزير الأوقاف: “قد نختلف حول الجانب الشكلي حول هل هي قضية تستحق أن تقدم للنقاش أو يقدم طلب إحاطة بشأنها، هذه أدوات برلمانية أنتم كنواب أدرى بها، وأشكر اللجنة الدينية على هذا النقاش الهام خاصة أن هذه القضية تثار في الإعلام بين الحين والآخر، وكنت أعد موضوع مقال تحت عنوان الإلحاد المسيس أو الممول أو الإلحاد الموجه، وأقترح على اللجنة الدينية الموقرة، وأحترم دعمها لينا ورقابتها السابقة قبل اللاحقة، والعلاقة بيننا علاقة تكامل في خدمة ديننا والوطن، فأقترح أن يكون في جدول أعمال اللجنة قضية شهرية فكرية نناقشها معًا، فقد لا يتسع الوقت نناقش جميع القضايا، ولما يكون تمثيل الأزهر ودار الإفتاء والأوقاف ونواب اللجنة الدينية، يقينًا يكون الموضوع والنقاش أكثر اتساعًا، ونعمل برنامج عن باقي القضايا، نحن في مرحلة خطيرة جدًّا في معالجة الفكر”.
وتابع الوزير: “في هذا الوقت معظم العمل والتناول الفترة الماضية نتيجة الجماعات المتطرفة والمتشددة أصبح كل الاهتمام الإعلامي يوجه إلى محاربة التطرف والتشدد، وأحيانًا بعض الناس خوفًا منه أن يتهم بالتشدد كان يخاف يتكلم في مواجهة الإلحاد أو التسيب أو مواجهة الشذوذ أو الانحراف، ولأنني لو تكلمت في ذلك سيعتبروننى ليس من الوسطيين، أتكلم بوضوح أفكار الملحدين والشواذ والمتطرفين قنابل موقوتة مثل قنابل المتطرفين والإرهابيين، ولا يمكن نقضي على الفكر المتطرف والارهابي إلا إذا واجهنا بقوة التسيب والانحراف، فمن يغذي التطرف هو من يغذي التسيب والانحراف، في وقت كل المؤسات التنموية الفكرية جندت نفسها لمحاربة التطرف، وجد أعداؤنا إن محدش بيتشغل على مواجهة التسيب، ومخاطر الإلحاد لا تقل عن مخاطر التطرف، الملحد لا دين له ولا ضمير له، وهو عنصر فساد في أي مجتمع، ولا نستطيع أن نقضي على التشدد والتطرف إلا إذا واجهنا الانحراف والتسيب بنفس القوة والحزم”.
وقال وزير الأوقاف، إن الشعب المصري متدين بفطرته وحريص على تدينه وعلاقته بالله عز وجل، مستطردًا: “بلد فيه الأزهر الشريف وأكثر من 120 ألف مئذنة لا يمكن يكون ملحدًا، ولا يمكن يتهم بالانحراف، ونحن نتخذ خطوات تحصينية لاستباقها حتى لا تتحول الظواهر الفردية التي تضخم لأغراض في مواقع التواصل إلى ظاهرة عامة، فعلينا، وبنينا خطتنا على أمرين، وأحدث كتاب طلعته الوزارة نحو خطاب عقلاني رشيد يقوم على التفكير وإعمال العقل، واعتماد الخطاب العقلي والمنطقي، فمثلًا واحد هيبعتك تفجر وتفجر نفسك قوله ما تبعت نفسك أنت الأول، وتلاقي ابنه وبيته فى مأمن وقاعد يجند الشباب لتفجير أنفسهم وتخريب البلاد”.
وطالب الدكتور أسامة العبد، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف، وزارة الأوقاف والأزهر، بالتنسيق المشترك بينهما لتكامل عمل الوعاظ مع الأئمة.
وقال “العبد”، موجهًا حديثه لوزير الأوقاف مختار جمعة: “يعجبني قولك عن خطة تحصينية من الإلحاد واتفاقك معنا أنها ليست ظاهرة وليست مشكلة، وأنها موجة عابرة ستنتهي بإذن الله، أنت استفضت في الجانب الدعوي، أنا محتاج نقاط معينة، عاوز أرجع الواعظ بتاع الزمان إللى كان يعرفني الشهادتين والصلاة والوضوء والعبادة، وأنا متأكد يقينًا أن هذا أساس من الأسس الذي تقضي على هذه الأشياء، لازم تنسيق مشترك، لإن لو كان فيه تضارب بين الشخصين هنطلع بنتيجة سلبية، لذلك نحتاج توافق بين المؤسستين حتى نخرج بنتيجة إيجابية، ونريد أن ننسق بينكم وبين الأزهر، عايز الواعظ يشتغل واعظ، وأيضًا دار الإفتاء لها دور كبير جدًّا”.
وعقب الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف: “أؤكد على كلامك، وبدأنا تجربة في المساجد الكبرى بالتنسيق مع فضيلة المفتي، يأتي العلماء في دار الإفتاء يوم في الأسبوع، وأطالب بالتوسع، وعايزين خطة كاملة لكل العلماء بدار الإفتاء ومستعدين نوزعهم مع رئيس القطاع الديني وكل واحد يأخذ يوم واحد يشرح فقه العبادات وواحد يشرح أمر آخر، كل واحد ساكن في منطقة نعطي له يوم في المسجد اللى جنب بيته، وعلى دار الإفتاء أن توافينا بمناطق السكن، وطلبنا وما زلنا نطالب وأكدنا، مستعدين نحدد لكل واعظ مسجد، بس يلتزم بيه وبخطبة الجمعة، ونحن نتكامل وعمل الواعظ لا يتناقض مع عمل الإمام، أفوض الشيخ جابر طايع، بس لينا شرط اللي هيدينا جدول يلتزم بيه”.
وقال الدكتور عمر حمروش، أمين سر لجنة الشئون الدينية والأوقاف، ومقدم طلب الإحاطة، إن الإلحاد خطر على الدولة ولا تقل خطورته عن الإرهاب.
وقال “حمروش”، إن الإلحاد هو الانحراف عن الحق إلى الباطل والإلحاد هو الشرك بالله وعدم الاعتراف بالأديان، والملحدين سطحيين لا فكر ولا ثقافة، وهو ظاهرة دخيلة على المجتمع المصري، والتصدي للإلحاد مسئولية كل الأديان، فهو يخص الأديان كلها إسلام ومسيحية ويهودية، ويقوض أساس الدين في دولة هي مهد الأديان السماوية، وخطورته لا تقل عن الإرهاب، وينبغي أن تكون هناك عوامل للتوعية ونشر الثقافة الصحيحة في المحتمع.
ولفت “حمروش”، إلى أن الخطاب الديني وتصحيحه يسير في الاتجاه الصحيح لمواجهة ذلك ومواجهة الإلحاد الذي يعد من الظواهر الغربية والبغيضة، متمنيًا أن يرى تحليل خطب المؤسسات الدينية المعنية لمواجهة هذه الظاهرة.
فيما، قال الدكتور عبد المنعم فؤاد محمود، ممثل الأزهر الشريف، عميد الوافدين بجامعة الأزهر، إن الإلحاد أمر طارئ على المجتمع المصري ولم يرقَ إلى حد الظاهرة، وإنه ليس منتشرًا في مصر.
وقال ممثل الأزهر: مسألة أن الإلحاد ظاهرة تحتاج إلى تأني، فمصر في أمان إلى يوم الدين، فظاهرة معناها أنه منتشر، وأعتقد أن الإلحاد لم يصل إلى حد الظاهرة، والمساجد ترفع الأذان وتقام فيها الشعائر الدينية، والكنائس تدق الأجراس، ومصر بلد الأمن والأمان، ويؤكد ذلك قول الله تعالى: “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”.
وتابع: “نطمئن كل المؤمنين والمصريين أن مصر ليس فيها هذه الظاهرة، الخطاب الديني وفقًا لقول الدكتور عمر حمروش يسير في الطريق الصحيح، وإننا نريد أن نقف على عوامل معالجة هذه القضية، وأرى أن مؤسسات الدولة إعلامية واجتماعية وثقافية لا بد أن تقف وتتعاون وتشارك في معالجة الأمر، وأعتقد أنه كان فلا بد أن تحضر وزارات الثقافة والشباب والتعليم الاجتماع، الأمر لا يتعلق بالأزهر والإفتاء والأوقاف فقط، أعطونا فرصة نتعاون معًا وننزل إلى منتديات الشباب بل ننزل إلى الملاعب وغيرها، لكي نناقش ونتحاور، فهي قضية فكرية، والفكر يواجه بالفكر وليس بأن يضرب بالرصاص، هذه دعوة كريمة للجنة الدينية ونثمنها ونؤيدها”.
فيما، قال الدكتور أحمد ممدوح، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الإلحاد ليس ظاهرة ولم يرقَ لأن يكون ظاهرة في المجتمع المصري، والإلحاد موجود في كل عصر، لكن تسليط الضوء عليه من قبل البعض جعلهم يسمونه ظاهرة، وسبب ذلك هو انتشار وتنامي مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير، ولجوء الشباب إلى هذه المواقع وإنشاء صفحات عليها، فوجدوا قنوات يعبرون عن أفكارهم من خلالها ويدعون إليها.
وتحدث “ممدوح” عن كيفية مواجهة دار الإفتاء للإلحاد، قائلًا: “نواجه المشكلة، وشكلنا جيل من الباحثين لمعالجة المشكلة، عندهم معرفة بالفلسفة والثقافة الغربية، جيل يجمع بين الأصالة والمعاصرة وعنده اطلاع على المنطق القديم والحديث، واطلاع على الأفكار التي يستند عليها بعض الملحدين في تأسيس أفكارهم الإلحادية، وشغالين لينا 4 سنوات، بكتابة مجموعة أبحاث تعالج قضايا الإلحاد على المستوى الكلي والجزئي ، ولا ننفي وجود إلحاد ولكن ننفي أن الإلحاد صار ظاهرة”.
وتابع أمين عام الفتوى بدار الإفتاء: “لم أتكلم عن أن هناك ظاهرة، فالإلحاد لا يمكن وصفه بأنه ظاهرة في المجتمع المصري، ودار الإفتاء المصرية تعمل للرد على الفكر الإلحادي بشكل عام، وأعددنا مجموعة باحثين تستطيع أن تتعامل مع هذه الأفكار، واستقبلنا عددًا من الحالات في دار الإفتاء، ووجدنا أن كثيرًا من الحالات قد يظن الناس أنها حالات ملحدة، في الحقيقة ليست ملحدة إلحادًا حقيقيًّا، ولكن نفسيًّا بسبب صدمة ما جعلتها في عدم فهم لحكمة ربنا، وبرجوع الصحة النفسية يزول الأمر وكأن لم يكن، ولم نقابل حالات نستطيع أن نقول عليها ملحد فكري، ومستعدين لمعالجة ومواجهة أي حالات إن وجدت”.
وتحدث جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، عن دور الوزارة في مواجهة قضية الإلحاد، وذلك خلال اجتماع لجنة الشئون الدينية والأوقاف لمجلس النواب.
وقال “طايع”: “فوجئنا بأن بعض التلاميذ صغار السن حينما كنا نكرمهم، أطفال في أولى أو ثانية ابتدائي كان يرفض الأولاد منهم السلام باليد على نائب محافظ القاهرة لأنها سيدة، والبنات الصغار كن يرفضن مصافحة المحافظ لأنه رجل، استوقفتنا هذه الظاهرة، وطالبنا على الفور بمحو هذه الأفكار المتطرفة من ذهن الأطفال، من خلال عدة إجراءات تنشر التنوير والسلام والأفكار المعتدلة”.
وتابع: “قمنا بتطوير العديد من المناهج والكتب التي تتحدث عن الدين والدولة، وتصدينا للأفكار التآمرية الممزوجة بالدين، لندفع في المقابل بالخطاب العقلاني الرشيد، فعلنا مجموعة من الآليات كتخصيص 60 خطبة جمعة في العام الماضي فقط لتصحيح الأفكار الخاطئة والمتطرفة، وافتتاح أكثر من 589 مدرسة تستهدف 11 ألف دارس ومحفظ قرآني يعملون 3 نوبات، ونستهدف استكمال ألف مدرسة قرآنية أخرى لا تقوم بالتحفيظ فقط، وإنما وجبة فكرية كاملة، وكانت لدينا مدارس علمية في العواصم والمدن الكبرى كنا نفعلها في الإجازات الصيفية، ونسقنا مع وزارات التضامن والأوقاف لتكريم المتميزين ممن يقومون بتنمية روح التسامح، أعملنا الرقابة على المدرسين لمكافحة الجنوح نحو التطرف أو الإلحاد”.
1محمود حسين، المؤسسات الدينية أمام البرلمان: الإلحاد ليس ظاهرة.. أسامة العبد: سحابة عابرة ستنتهى.. وزير الأوقاف: نتخذ خطوات تحصينية والملحدون عنصر فساد بالمجتمع.. إنكار الخالق والتسيب قنابل موقوتة مثل التطرف والإرهاب ، جريدة اليوم السابع، 16 يناير 2018.